القرآن الكريم

سبب نزول سورة المزمل وسبب تسميتها

ما سبب نزول سورة المزمل وسبب تسميتها؟

عرفت هذه السورة باسم سورة المزمل ولم يرد لها أي تسميات أخرى، ويُراد بالمزمل إما الصفة التي نادى بها الله تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو يُراد بها حكاية اللفظ، وقيل أنها سورة مكية بجميع آياتها ما عدا الآية التالية إلى نهاية السورة فهي مدنية، قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ}، فهذه الآية لم تنزل في نفس وقت نزول السورة، بل نزلت بعد ذلك بعام واحد.

ولا بدّ لك أن تعلم أن سورة المزمل هي من أوائل السور التي نزلت من القرآن الكريم في مكة المكرمة، حتى أنها عُدت ثالث سورة نزلت على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، نزلت قبلها سورة العلق وسورة المدثر وبعدها نزلت سورة المزمل، وقد ذكرت مصادر أخرى أنها رابع سورة نزلت على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فنزل قبلها اقرأ والمدثر والقلم، ونزلت هذه الآية للحث على قيام الليل، والتأكيد على فضله، وأنه يزيد من صلة العبد بربه، ويقويه على تحمل المشقة،[٣]ففي قيام الليل فضل وأجر عظيم، خاصة بأن الإنسان يكون متعبًا من عمله في طلب الرزق الحلال، وإن في السورة تخفيف عن الرسول عندما فزع لرؤية جبريل للمرة الأولى.

وقد أنزل الله المزمل على الرسول صلى الله عليه وسلم بعدما استجاب الرسول الكريم إلى دعوة الناس إلى الله، فكان الحمل عليه ثقيلًا، وخاطبه الله بالمزمل بسبب ما لقيه من تكذيب ورفض من المشركين، فتلقى الرسول القرآن وأمر بقيام الليل، والصبر على الدعوة، وكل هذا يساعده على الثبات، وفي نزول سورة المزمل أمر بالدعوة، لورود قوله تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ} وقوله تعالى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ}، فكانت تكذيبًا لهم بعد تبليغهم دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لتوحيد الله.

تأملات في سورة المزمل

نقدم لك فيما يلي بعضًا من الوقفات والتأملات في سورة المزمل:

  • ورد في سورة المزمل إشارات عظيمة على حال المؤمن وإخلاصه في أدائه للعبادات والتقرب من الله عز وجل، ففي قوله تعالى: {قُمِ الليْلَ إلَّا قَلِيلًا}، قد تتساءل من سيقوم الليل كله في العبادة وقد كان قد تعب واجتهد في عمله خلال النهار، ومن سيقوى على أداء هذه العبادة التي لا رياء فيها ولا ثناء عليها؟ ولكن المؤمن الحقّ يحرص على أدائها ويسعى إلى التخفي عن أعين الناس ليناجي ربه دون وجود عين تبصره ولا لسان يشكره، وما يدفع الإنسان إلى الالتزام بهذه العبادة هو الإخلاص، فيكون الإخلاص هو الدافع له لترك الفراش والراحة لتحقيق أعظم معاني العبودية.
  • ورد في سورة المزمل أيضًا قوله تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا ﴿٥﴾ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا ﴿٦﴾}، فالقرآن الكريم ليس بالحِمل السهل على المؤمن، بل هو ثقيل بثقل كلام الله عز وجل، ففيه من الشرائع ما يحدد حياة المسلم وينظّمها، ويضع له الأوامر والنواهي، ويتطلّب هذا وجود الكثير من مجاهدة النفس والشيطان لأدائها.
  • قال تعالى في سورة المزمل: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيل}، والمقصود بهذه الآية أن لك في النهار أن تعمل وتسعى لتحصيل رزقك الحلال في طرقه المتعددة، ولكن أليس لعبادتك نصيبًا من وقتك في الليل؟ فلا يجب أن يكون طلب الرزق عائقًا عن أداء العبادات والتقرّب من الله تعالى.

قد يُهِمُّكَ: الفرق بين المزمل والمدثر

إذا نودي الشخص بوصف هيئته أو ملابسه، فذلك أسلوب تحبب عند العرب، ومن هنا جاء النداء بالمدثر والمزمل، وعلى الرغم من تشابه المعنى فيهما إلا أن هناك اختلافٌ في الاشتقاق وسنذكر لك الفروقات الدقيقة بينهما فيما يلي:

  • نودي الرسول بالمدثّر بسبب الحالة التي كان بها بعد نزول الوحي عليه، وبعد أن أصابه الرعب عند نزول جبريل إليه لأول مرة، ثم أصيب بالرعب منه بعد فترة الوحي مرة ثانية، فخاطبه الله وقال له أيها المدثر في ثيابك انفض عنك هذه الثياب وادع ربك ولا تخش شيئًا، وتعني المدثّر في اللغة الحمل الخفيف.
  • لما استجاب الرسول صلى الله عليه وسلم للنداء وبدأ بالدعوة لله تعالى، ثقُل عليه الحمل، فخاطبه الله بالمزمل، وتدلّ كلمة المزمل على الحمل الثقيل الذي كُلف به نبينا الكريم وبسبب ما لاقاه من ظلم المشركين وتكذيبهم له، فخوطب ببعض أسباب الثبات، كتلقي القرآن، وتلاوته في صلاة الليل، والصبر، ونحو ذلك
السابق
كيف اتعلم قراءة القران الكريم
التالي
أسرار آية الكرسي

اترك تعليقاً