القرآن الكريم

أسرار آية الكرسي

القرآن الكريم

القرآن الكريم هو الذي أنزله الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو آخر الكتب السماوية، والمعجزة الخالدة، والإعجاز كامن في كل سوره وآياته وحروفه، إذ إن عدد سور القرآن الكريم هو 114 سورة، وعدد آياته دون احتساب البسملة التي تبدأ بها جميع السور عدا سورة التوبة هو 6236 آية، وعدد حروف القرآن الكريم بلغت نحو 32015 حرفًا، وقد خص الله بعض هذه السور بخصائص وميزات عن غيرها من السور، وهكذا بعض الآيات القرآنية التي خصها الله تعالى بخصائص وسمات عظيمة وباركها بأعظم أسمائه وصفاته مثل آية الكرسي التي تبدأ باسم الله الأعظم.

وآية الكرسي هي الآية رقم 255 من سورة البقرة، وهي آية لها مكانة عظيمة وشأن كبير بين آيات القرآن الكريم، وتتمتع بخصائص وفضائل كثيرة، فقد جمعت مجموعة كبيرة من أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، فقد بدأت الآية بأجلّ أسماء الله الحسنى الحي القيوم، وتميزت بكونها جمعت أصول الأسماء والصفات السبعة وهي الإلهية والوحدانية، والحياة، والعلم، والملك، والقدرة، والإرادة، وقد جاء في فضلها وخصوصيتها أحاديث نبوية كثيرة تخبر عن بركات هذه الآية القرآنية وأسرارها وفضائلها العديدة.

أسرار وفضائل آية الكرسي

خص الله تعالى آية الكرسي بالعديد من الأسرار والميزات عن باقي آيات القرآن الكريم، ومن هذه الأسرار ما يأتي:

  • ضمت آية الكرسي مجموعة من أسماء الله الحسنى؛ ومنها اسمه الأعظم {الْحَيُّ الْقَيُّومُ} وهو موجود في ثلاث سور فقط من القرآن الكريم: البقرة، وآل عمران، وطه؛ مما أعطاها مكانة عظيمة وبركة وفضلًا كبيرًا.
  • جاء في هذه الآية الكريمة عدد من الصفات الإلهية والتوحيد لله رب العالمين، فهي من أهم الآيات التي ترد على كلام كل المشككشين في وحدانية الخالق سبحانه.
  • لآية الكرسي مواطن وأوقات تقرأ فيها، منها أنها تقرأ دبر كل صلاة مفروضة، وقبل النوم، وفي أذكار الصباح والمساء.
  • كان عليه السلام يقرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة؛ ففي الحديث قال عليه السلام:(مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ، إِلا الْمَوْتُ) [ أبو أمامة الباهلي | خلاصة حكم المحدث: صحيح].
  • تقرأ عند النوم لأنها تحفظ قارئها من الشيطان، فمن قرأها عندما يأوي إلى فراشه حفظه الله بها حتى يصبح ولا تقربه الشياطين.
  • تقرأ في الصباح والمساء؛ فمن قرأها حين يصبح حفظه الله حتى يمسي، ومن قرأها حين يمسي حفظه الله حتى يصبح.
  • آية الكرسي حرز ووقاية من المس والسحر والحسد وفيها دفع للشيطان، وهي من أعظم آيات الرقية الشرعية لما فيها من حرز وحماية وحفظ.

تفسير آيه الكرسي

هذه الآية الكريمة التي جمعت في عشر جمل مستقلة أصول الإلهية والتوحيد والتمجيد لله تعالى، وذكرت تفرد الله تعالى في الألوهية، ونزهته عن كل نقص، وبرّأته من كل فتور وغفلة، فهو ليس كمثله شيء فوق المكان وفوق الزمان، فهي آية تقرر وحدانية الله الحي القيوم على النحو المانع الجامع، لتكون طريقًا واضحًا لتخليص العقول والقلوب من الشرك والعبودية لغير الله تعالى؛ لما ضمته من معاني التوحيد والقدرة الإلهية وعلم الله الذي أحاط بكل شيء وفيما يلي تفسير للآية الكريمة:

  • بدأت الآية بقوله تعالى:{الله لآ إِلَهَ إلاَّ هُوالحيُّ القيُّوم} وهو وصف لله تعالى بأن لا إله سواه، ولا أحد يستحق أن يعبد إلا الله، وأنه حي لا يموت أي حياة أزلية أبدية ليست كحياة باقي المخلوقات، فهو غني بذاته عن كل ما سواه، لأن وجوده بذاته، أما سواه فكان وجوده بغيره، فكل موجد حادث، والله تعالى أزلي فهو الموجود بذاته الذي أبرز الأشياء وأظهرها من العدم إلى الوجود.
  • {لا تَأْخُذُهُ سِنَةُُ ولا نَوْم} أي لا يصيبه النعاس ولا النوم، فهو منزه عنهما، ومنزه عن كافة الانفعالات والتطورات، فالخالق لا يكون موصوفًا بمثل ما خلق.
  • {لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ} الله هو مالك ما في السموات والأرض، فكل شيء من ملائكة، وإنس وجان وحيوان وغيرها ملك لله تعالى.
  • {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} بمعنى أن لا أحد يملك حق الشفاعة عند الله تعالى إلا بإذن الله، إذ إن الملائكة تأتي يوم القيامة لتشفع لبعض عصاة المسلمين، فيشفعهم الله تعالى فيهم، ويشفع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في بعض العصاة أيضًا، ويشفع سائر الأنبياء لعصاة المسلمين من أقوامهم، وكلهم لا يشفع لهم إلا بإذن الله.
  • {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} تخبر هذه الآية مدى قصر علم أهل السموات والأرض والجن عن الإحاطة بعلم الله سبحانه وتعالى، فهم لا يملكون من العلم إلا بالقدر الذي علمهم الله، القدر الذي يشاء الله لهم أن يعلموه.
  • {وَسِعَ كُرْ‌سِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضَ} والكرسي كما جاء في وصفه في الحديث النبوي الشريف:(ما السمواتُ السبعُ في الكرسيِّ إلا كحَلْقةٍ مُلقاةٍ بأرضٍ فلاةٍ ، وفضلُ العرشِ على الكرسيِّ كفضلِ تلك الفلاةِ على تلك الحلْقةِ) [أبو ذر الغفاري| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، والفلاة هي الأرض البرية، والكرسي لعظمه وضخامته يسع السموات والأرض، وهذا دليل على عظمة الله تعالى وعظمة مخلوقاته.
  • {ولا يُؤُدُهُ حِفْظُهُمَا} أي لا يثقله أمر فكل شيء خلقه الله تعالى هين عليه سبحانه، فخلق الذرة كما خلق السموات والأرض والعرش، لا يصعب على الله شيء ولا يصيبه تعب ولا نصب.
  • {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} العلي إذا أطلق على الله سبحانه يعني علو القدر والدرجة، وليس بمعنى علو في المكان، فالله تعالى منزه عن كل صفات المخلوقات، وهو عظيم القدر والشرف.
السابق
سبب نزول سورة المزمل وسبب تسميتها
التالي
الحكمة من نزول القرآن الكريم مفرقًا

اترك تعليقاً