القرآن الكريم

فوائد سورة الطلاق

أسباب نزول سورة الطلاق

تعدّ سورة الطلاق من السور المدنية، ويبلغ عدد آياتها 12 آية، وترتيبها هو 65 من سور القرآن الكريم، وقد سميت بهذا الاسم لأنها تتضمن بعض الأحكام التشريعية المتعلقة بطلاق الزوجين وكيفية حدوثه وما يترتب عليه من تبعات كالنفقة والعدّة المترتبة على الزوجة والمسكن وغيرها، وقد بدأت السورة باستخدام أسلوب النداء، إذ خاطب الله عز وجل سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم في مطلع السورة قائلًا: {يا أَيُّها النَبِيُّ إِذا طَلَّقتُمُ النِساءَ فَطَلِّقوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}.

وتتعدّد أسباب نزول سورة الطّلاق، وفيما يأتي بيان لها:

  • روى قتادة عن أنس: أن النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم طلق السيدة حفصة فأمره الله تعالى بإرجاعها لأنها صوّامة قوّامة، كما وأنها إحدى زوجاته في الجنّة، وقال السدي أيضًا أنها نزلت في عبدالله بن عمر عندما طلّق زوجته وهي حائض، فأمره رسول الله بإرجاعها حتى تطهر ومن ثم تحيض حيضة أخرى ويمهلها حتى تطهر، ومن ثم يُطلّقها قبل وقوع الجماع، فهذه هي العدة التي أمر الله تعالى بها.
  • نزلت الآية في عوف بن مالك الأشجعي عندما جاء إلى النبي شاكيًا له حادثة أسر ابنه عند المشركين، فأمره النبي عليه الصلاة والسلام بتقوى الله والصبر على مصيبته والإكثار من قول -لا حول ولا قوة إلا بالله – فعاد إلى بيته وبدأ بتطبيق أوامر النبي هو وزوجته حتى غفل المشركون عن ابنه وعن أغنامهم، فجاء إلى أبيه ومعه أربعة آلاف شاه.
  • عن أبي عثمان عمرو بن سالم أنه عندما نزلت عدة النساء للمطلقة والمتوفي زوجها في سورة البقرة، قال أُبي بن كعب يا رسول الله إن نساء أهل المدينة يقلنّ أن هناك صنف من النساء وهنّ الصغار والكبار وذوات الحمل لم يذكر فيهنّ نص، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة {وَاللائي يَئِسنَ مِنَ المَحيضِ مِن نِّسائِكُم}.

فوائد سورة الطلاق

تعد سورة الطلاق إحدى المناهج المستخدمة لتنظيم أمور الأسرة وعلاقة الأزواج مع بعضهم البعض، وفيما يأتي ذكر لبعض الفوائد المستنبطة من سورة الطلاق:

  • التوجيهات الإلهية إلى النبي وللأمة الإسلامية كافة؛ وذلك لتعليمهم كيفية التعامل مع أزواجهم.
  • لا يحدث الطلاق إلا في حالة طهارة المرأة من الحيض وعدم قيامهما بالجماع، وذلك من أجل العدة.
  • وجوب التأكد من عدد أيام العدة بدقة، حتى لا يحدث أي خطأ.
  • عدم إخراج الزوجة المطلقة من بيتها، وفي حال وجب خروج أحد الطرفين، فعلى الزوج فعل ذلك وتركها في المنزل، كما جاء في قوله تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ}، والحكمة من ذلك هي مراجعة الزوج لنفسه وإعادة الزوجة لعصمته إن أمكن كما جاء في قوله تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}.
  • يجب الالتزام بحدود الله وعدم التجاوز عنها؛ لأنه من يتعدّ حدود الله فقد ظلم نفسه. عند قرب انتهاء المدة الزمنية فإن الزوج مخير، إما أن يبقي زوجته أو يفارقها بالمعروف، وأن يحسن إليها ولا ينسى الفضل الذي كان بينهما وإن طلقها، قال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.
  • يجب أن يحضر الزوج شهود في حال إرجاع زوجته، وأن تكون تلك الشهادة على حقّ لا يشوبها أي خلل، وتوثيقها بالزمن، كما جاء في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ}.
  • من يلتزم بأوامر الله سبحانه وتعالى ويتوكل عليه في كافة أموره؛ من زواج، طلاق، عدة، إرجاع الزوجة، والشهادة، فإن الله يفي بوعده له ويجعل له مخرجًا في حالة الضيق، وفرجًا في حالة الهم، ويرزقه من حيث لا يحتسب، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.
  • تحديد عدّة كل من اليائس التي انقطع عنها الحيض أو الصغيرة التي لم تحض وهي ثلاثة أشهر، أما الحامل فعدّتها تكون إلى أن تضع الحمل أي حتى الولادة، أما إن كانت من النساء اللواتي يحِضن فعدّتها ثلاثة قروء أو ثلاثة حيضات كما جاء في قول الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
  • التّقوى هي مفتاح الفرج على المسلم، إذ وعد الله سبحانه وتعالى المسلم الذي يتقي الله في معاملاته مع زوجته أن يجعل له من أمره يسرًا وأن يكفّر عنه سيئاته، ويجعل له مخرجًا من حيث لا يحتسب، قال الله سبحانه وتعالى : {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}، ثم قال بعد ذلك: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}.
  • يجب على الزوج أن يؤمّن المسكن لزوجته المطلقة، ويبقي ذلك المسكن الذي طلقت به مسكنًا لها، إلا إذا كانت تلك الطلقة هي الطلقة الثالثة كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ}، وقال: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم}، وأن يكون تأمين ذلك المسكن حسب طاقة الزوج وقدرته.
  • يجب على الزوج أن يحسن التعامل مع زوجته المطلقة وأن لا يؤذيها، كما يجب عليه أن لا يستغل توجيهات الله والتحكم بها ومنعها من الخروج من المنزل، قال الله تعالى : {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ}.
  • يجب على الزوج النفقة على زوجته الحامل والمطلقة إلى أن تضع حملها، حتى وإن كان الطلاق بائن لا رجعة فيه، قال تعالى:{وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، وإن أرضعت الزوجة طفله فعليه الاستمرار بالنفقة أو الاتفاق على إيجاد من يرضعه بدلًا منها، قال الله سبحانه وتعال: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى}.
  • يجب على الزوجين أن يتشاورا وأن يأتمروا فيما بينهم بالمعروف، قال تعالى:{وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ}.
  • من يتق الله تعالى ويمتثل لأوامره ويجتنب نواهيه، فهو من أولي العقول الناضجة والسليمة، كما وأن الله وعدهم بعظيم الجزاء وهو دخول جنّات الخلد.

الطلاق في الإسلام

الطلاق لغةً يعني الترك أو الإرسال أو التحرر، والطلاق شرعًا هو حلّ عقد النكاح وإبطاله، وفي حال تعذّر الإصلاح بين الزوجين، وعلى الرغم من تشريعه لكنّه مكروه في الإسلام، وللطلاق ثلاثة أركان رئيسية هي: الزوج والزوجة الذي يجمعهما عقد زواج صحيح، واللفظ الدال على الطلاق والذي يمكن أن يكون:

  • طلاق صريح: وهذا النوع يقتصرعلى اللفظ فقط دون الحاجة إلى النية في ذلك، كقول الزوج لزوجته (أنت طالق ) أو (طلقتك ).
  • طلاق الكناية: يحتاج هذا النوع من الطلاق إلى النية لكي يعد طلاقًا حقيقيًا، إذ إن اللفظ فيه يكون غير صريح، كأن يقول الزوج لزوجته (إذهبي إلى أهلك ) أو (أخرجي من المنزل ).
  • الطلاق الحرام: وهذا الطلاق محّرم بالإجماع، إذ يطلق الرجل زوجته ثلاث مرات في ذات المجلس، فيقول الزوج ( أنت طالق ثلاثًا ) أو ( أنت طالق طالق طالق )، والحكمة من تحريم هذا النوع من الطلاق هو إعطاء الفرصة للزوج بمراجعة نفسه بعد وقوع الطلقة الأولى أو الثانية؛ لأن الطلاق يعدّ طلاق بائن بينونة كبرى ويفرق بين الزوجين فيه بعد الطلقة الثالثة.

 

السابق
أسباب الدوخة وعدم توازن الجسم
التالي
أسهل طريقة للنوم السريع

اترك تعليقاً