مرض جدري الماء عند الكبار

يُعرف جدري الماء باسم الحماق أيضًا، ويشتهر بكونه مرضًا معديًا ينشأ عن الإصابة بفيروس يُدعى “بالفيروس النطاقي الحماقي”، الذي يصيب الجلد ويؤدي إلى ظهور طفح جلدي، وبثور حمراء، وحكة شديدة، وغالبًا ما تظهر هذه الأعراض خلال 10-21 يومًا من التعرض للعدوى، لكن يبقى مرض جدري الماء مرضًا متوسط الشدة خاصة عند الأطفال، لكن قد يؤدي هذا المرض عند بعض الحالات إلى انتشار البثور إلى الأنف، والعينين، وربما الأعضاء التناسلية أيضًا، ومن الجدير بالذكر أن 90% من حالات مرض الجدري تظهر عند الأطفال بعمر سنتين أو أقل، لكن يُمكن للأطفال الكبار والبالغين أن يُصابوا بالمرض أيضًا، وهذا هو موضوع السطور القادمة.

مرض جدري الماء عند الكبار

على الأغلب لن يصاب البالغون بفيروس جدري الماء إذا أصيبوا به أثناء سنوات عمرهم الأولى، ويوجد تشابه كبير بين أعراض الإصابة بجدري الماء عند البالغين وأعراض الإصابة بالمرض عند الأطفال، لكن قد تكون الأعراض لدى البالغين أكثر حدة أحيانًا، وتزداد فرص الإصابة بهذا المرض عند البالغين الذين لم يتلقوا مطعوم الجدري في صغرهم، كما تتضمن عوامل الخطر الأخرى التي تزيد من خطر إصابة البالغين بهذا المرض الآتي:

• الأفراد البالغون الذين يعيشون مع الأطفال بعمر أقل من 12 سنة والذين لم يحصلوا على المطعوم المضاد للمرض.
• الأفراد البالغون الذي يعملون بالمدارس أو في دور الرعاية أو حضانة الأطفال.
• الأفراد البالغون الذين يُمضون أكثر من 15 دقيقة بالقرب من شخص آخر مصاب بالمرض.
• الأفراد البالغون الذين يلمسون الطفح الجلدي الظاهر فوق جلد المصاب.
• الأفراد البالغون الذين يلمسون إحدى الأدوات أو الأشياء التي يستخدمها شخص آخر مصاب بالمرض، بما في ذلك أوجه الأسرّة أو الملابس.

وعلى أي حال يظهر مرض الجدري غالبًا عند الأفراد البالغين المصابين أصلًا بضعف المناعة، وينتقل هذا الفيروس عبر رذاذ الجهاز التنفسي الناجم عن العطاس أو بسبب ملامسة البثور الجلدية، ومن الجدير بالذكر أن فيروس جدري الماء لا يختفي تمامًا عند اختفاء الأعراض، وإنما يبقى كامنًا داخل الجسم ويُمكن أن يظهر فيما بعد ويؤدي إلى الإصابة بما يُعرف بالهربس النطاقي، الذي يتسبب بظهور حكة جلدية وآفات جلدية حارقة.

أعراض جدري الماء عند الكبار

إن أعراض جدري الماء عند الكبار هي أكثر شدة من الأعراض التي تظهر عند الأطفال الصغار، كما يُمكن أن تتطور هذه الأعراض إلى مضاعفات سيئة أحيانًا، وتتضمن أهم هذه الأعراض ما يلي:

• ظهور حبيبات حمراء صغيرة قد تتحول إلى قشور جلدية.
• الإصابة بالحمى أو ارتفاع درجة حرارة الجسم.
• الخمول والتعب العام.
• انعدام الشهية وعدم الرغبة في تناول الطعام.
• ظهور أعراض شبيهة بأعراض الإنفلونزا؛ كالصداع وسيلان الأنف.

علاج جدري الماء عند الكبار

يلجأ الأطباء إلى إعطاء الأدوية المضادة للفيروسات لتخفيف حدة أعراض جدري الماء عند البالغين، لكن هذا الأدوية لن تكون قادرة على قتل الفيروس، وإنما ستعرقل تكاثره فقط، وعادةً ما يُفضل الأطباء إعطاء المضادات الفيروسية للبالغين والأطفال الكبار فوق عمر 14 سنة، لكن يجب إعطاء هذه الأدوية خلال 24 ساعة من ظهور الطفح الجلدي المصاحب لجدري الماء، وفي حال أعطيت بعد ذلك، فإن قدرتها على مقاومة فيروس جدري الماء لن تكون كبيرة إلى حدٍ ما، وعلى العموم ينصح الأطباء بوصف المضادات الفيروسية للحالات الخطرة من جدري الماء، خاصة عند أولئك الذين يُعانون أصلًا من ضعف المناعة والنساء الحوامل، لكن وعلى أي حال يُمكن للأفراد البالغين تخفيف حدة أعراض جدري الماء لديهم عبر الاستعانة ببعض الأمور البسيطة، مثل:

• شرب الكثير من السوائل لتجنب الإصابة بالجفاف.
• تناول حبوب دواء الباراسيتامول بهدف علاج الحمى والصداع.
• استخدام المراهم الجلدية القادرة على تخفيف الحكة الجلدية؛ ككريم الكالامين مثلًا.
• الاستحمام بالماء الذي أُضيف إليه كمية قليلة من صودا الخبز أو الشوفان.
• الاستعانة بالأدوية المضادة للهيستامين، التي تُساهم في تخفيف حدة الكحة ومساعدة المريض على النوم في الليل.

مضاعفات جدري الماء عند الكبار

من النادر أن يؤدي جدري الماء إلى حدوث مضاعفات خطيرة أو مميتة، لكن ووفقًا لإحدى الدراسات العلمية التي أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الأفراد البالغين هم أكثر عرضة للموت من جدري الماء بمقدار أربعة أضعاف مقارنة بالأطفال الصغار، وتشير التقديرات إلى وفاة حوالي 31 فردًا بالغًا من أصل 100 ألف بسبب الإصابة بهذه المرض، ويُعد الالتهاب الرئوي الحماقي من بين أبرز المضاعفات المرتبطة بجدري الماء عند الكبار أو البالغين، وعادةً ما يؤدي هذا المرض إلى الشعور بضيق في النفس، والسعال، وآلام الصدر، والحمى، ومن المثير للاهتمام أن بعض الدراسات أشارت إلى وجود المشاكل التنفسية عند 5-15% من البالغين المصابين بجدري الماء، وعلى أي حال تتضمن بعض المضاعفات الخطيرة الأخرى التي يُمكن أن تظهر عند البالغين المصابين بجدري الماء ما يلي:

• الإصابة بتسمم أو التهاب الدم.
• الالتهابات الجلدية البكتيرية.
• الجفاف.
• حصول التهاب في الدماغ.
• النزيف الشديد.

أما بالنسبة إلى مضاعفات جدري الماء عند النساء الحوامل، فإن الحقيقة هي أن لهذا المرض قدرة فعلية على التسبب في حصول مضاعفات لدى الأم وجنينها أثناء الحمل، ومن بين هذه المضاعفات -مثلًا- الإصابة بالتهاب الرئة، والإصابة بالعدوى الخطيرة، وإصابة الطفل بالتشوهات الخلقية أو ولادة الطفل بوزن أقل من الوزن الطبيعي.

الوقاية من جدري الماء عند الكبار

على الأفراد البالغين الذين لم يأخذوا مطعوم جدري الماء أن يُسارعوا إلى أخذ هذا المطعوم في أقرب وقت، خاصة في حال كانت طبيعة عملهم تتطلب اختلاطًا أو تعاملًا مباشرًا مع الأطفال، وعادةً ما يكون من الأنسب إعطاء هؤلاء الأفراد جرعتين من المطعوم المضاد لجدري الماء، لكن يجب أن تفصل بين الجرعتين استراحة زمنية لشهر واحد على الأقل، وعلى أي حال يبقى بوسع الأطباء إعطاء الأفراد البالغين الذين لم يحصلوا على المطعوم دواء آخر اسمه الغلوبيولين المناعي النطاقي الذي يحتوي على أجسام مضادة قادرة على محاربة الفيروس المسبب لجدري الماء، لكن يجب إعطاء هذا الدواء خلال الـ 96 ساعة التي تعقب التعرض للفيروس.

خطورة جدري الماء

في الحقيقة لا يعد مرض جدري الماء مرضًا خطيرًا أو مقلقًا، إذ يمكن علاجه منزليًا، ولكن يوجد حالات تستوجب زيارة الطبيب وهي:

• انتشار الطفح والحبيبات في إحدى العينين أو الاثنتين.
• الاحمرار الشديد للحبوب الجلدية وحصول ارتفاع في الحرارة وألم شديد دال على الإصابة بالتهابات بكتيرية.
• حدوث تسارع في دقات القلب، أو الإحساس بالدوخة، أو ضيق النفس، أو تفاقم السعال، أو التقيؤ.
• وجود أي شخص في الأسرة لديه مشكلة في جهاز المناعة أو عمره أقل من 6 أشهر.