القرآن الكريم

احكام نون الساكنة

علم التجويد

حين نزل القرآن الكريم من الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق جبريل عليه السلام، تعلّم الصحابة والمسلمون الجدد قراءته كما أخذوه عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فلم يحتاجوا وقتئذ إلى أسس وتعليمات لإتقان ترتيله وقرائته، لكن مع توسع بلاد المسلمين وانتشار الإسلام إلى أراضٍ لا يتكلم أهلها العربية أساسًا، ظهرت الحاجة لعلم التجويد، فهو علم يدلّنا على الطريقة الصحيحة التي نقرأ بها آيات القرآن الكريم، بما يحقق المعنى المقصود ولا يضر بالمعنى، فهو علم شريف محظوظ من تمكّن من تعلمه وتطبيقه.

ولأن لكل علم قواعد وأحكام، فكان لابد ومن باب أولى أن يكون لعلم التجويد أحكامه الخاصة، فقد وضع الأئمة الثقات هذه الأحكام وفق ما استنبطوها من قراءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، فقسّموا هذه الأحكام لهذا العلم إلى عدّة أقسام، وهي:

  • أحكام الإستعاذة والبسملة.
  • أحكام النون الساكنة والتنوين.
  • أحكام الميم الساكنة والمدود، وسنخصص في مقالنا هذا حديثًا وافيًّأ وسريعًا عن أحكام النون الساكنة والتنوين.

أحكام النون الساكنة

إن النون الساكنة هي نون أصلية أو زائدة في الكلمة، لا تحمل أي حركة لا فتحة ولا ضمة ولا كسرة، قد تأتي في أول أو وسط أو آخر الكلمة، تتميز بسكونها “أي حركتها السكون”، أما التنوين فهو نون زائدة تأتي في آخر الكلمة، تظهر لفظًا وتفارق الكلمة كتابًة، يأتي شكلها بضمتين للكلمة المرفوعة، وكسرتين للكلمة المجرورة، وفتحتين للكلمة المنصوبة، من الجدير بالذكر أن النون الساكنة قد نجدها في الأسماء والأفعال والحروف، أما التنوين فلا نجده سوى في الأسماء فقط، وتحت أحكام النون الساكنة والتنوين تندرج أربعة أحكام فرعية سنفصلها في ما يلي:

  • الإظهار: فمعناه البيان والإيضاح واصطلاحًا يكون بمعنى إحراج الحرف المُظهر من مخرجه الصحيح بلا غنّة ولا إخفاء ولا إدغام، وحروفه ستة وهي مجموعة في أوائل هذه الكلمات ( أخي هاك علمًا حازه غير خاسر) أي أنها ( الهمزة، الهاء، العين، الحاء، العين، الخاء)، فإذا وُجِدت هذه الأحرف بعد نون ساكنة أو تنوين في كلمة أو كلمتين على قارئ القرآن أن ينطق بالنون الساكنة أو التنوين بوضوح وإظهار.
  • الإدغام : هو إدخال الشيء في الشيء، واصطلاحًا يعني التقاء حرف ساكن بآخر متحرك فيدمجان معًا ليصبحا حرفًا واحدًا مشددًا، ويرفع اللسان عند هذا الإدغام، وحروفه ستة مجموعة في كلمة ( يرملون) أي أنها (الياء، والراء، والميم، واللام، والواو، والنون)، فإذا التقى أحد هذه الأحرف الستة بعد النون الساكنة أو التنوين وذلك في كلمتين وليس كلمة واحدة بحيث تكون النون أو التنوين في آخر الكلمة وتبدأ الكلمة التي بعدها بحرف من هذه الأحرف يطبق حكم الإدغام.
  • الإخفاء: هو الستر، واصطلاحًا هو نطق النون الساكنة والتنوين بحالة بين الإظهار والإدغام بغنة ودون تشديد، حروفه أكثر من حروف الإدغام والإظهار فهي خمسة عشر حرفًا؛ أي ما تبقى من أحرف اللغة العربية بعد الإدغام والإظهار وهي ( ص، ذ، ث، ك، ج، ش، ق، س، د، ط، ز، ف، ت، ض، ظ ) مجموعة في كلمات بيت الشعر هذا ( صف ذا ثنى كم جاد شخص قد سما، دم طيّبًا زد في تقى ضع ظالمًا ) فإذا التقت النون الساكنة أو التنوين بأحد هذه الأحرف في كلمة أو كلمتين يطبق حكم الإخفاء.
  • الإقلاب: هو تحويل الشيء عن وجهه، واصطلاحًا هو جعل حرف مكان حرف مع حفظ الغنّة، والإخفاء في الحرف الأول “النون أو التنوين”، حرفه حرف واحد وهو (الباء)، فإذا وقعت الباء بعد النون الساكنة أو التنوين في كلمة أو كلمتين يتوجب عندها قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميم ثم تخفى هذه الميم في الباء مع غنتها.

وأخيرًا نقول، إن القرآن الكريم هو المعجزة الأبدية الخالدة للرسول صلى الله عليه وسلم، وإن قراءته وتقليب صفحاته وتدارسه ومعرفة تفسيره ومعاني آياته من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد من خالقه، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ [عبدالله بن مسعود: لاصة حكم المحدث : [إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما]].

 

السابق
اسباب اضطرابات النطق
التالي
طرق انتقال التهاب الكبد الوبائي

اترك تعليقاً