ما الصفات التي حذر الله منها في سورة الماعون؟

ورد في سورة الماعون صفات عديدة وهي صفات خبيثة اتصف بها المنافقون، وحذر الله المسلمين منها، فذُكرت عدّة صفات، مثل سوء الاعتقاد وهو التكذيب بيوم القيامة ويوم الدين، والأخلاق السيئة، والمعاملة القاسية، ثم جاء الوعيد لهم بالويل جزاء لهم على هذه القبائح، مع ارتكابهم لمعاصي أخرى عظيمة مثل إضاعة الصلاة، والرياء، والبخل، وسوء معاملة الخلق والخالق، كما أن الله تعالى وصفهم بهذه الصفات في سور أخرى غير سورة الماعون، كقوله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا}، وقال تعالى أيضًا في سورة التوبة: {المُنافِقونَ وَالمُنافِقاتُ بَعضُهُم مِن بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمُنكَرِ وَيَنهَونَ عَنِ المَعروفِ وَيَقبِضونَ أَيدِيَهُم نَسُوا اللَّـهَ فَنَسِيَهُم إِنَّ المُنافِقينَ هُمُ الفاسِقونَ}.

وفي تفسير لسورة الماعون بحسب ما جاء في تفسير السعدي، فتبدأ السورة بالحديث عن من كذّبوا بيوم القيامة وكذّبوا بالبعث والجزاء، ومن ثم تحدّثت عن الذي يقسو على اليتيم ولا يعامله معاملة جيدة ولا يحنّ على المسكين ولا يُبادر بإطعامه، ومن ثم ذكرت الساهين عن الصلاة الذين لا يقيمونها في وقتها ولا يقيمونها بالطريقة الصحيحة، ومن ثم ذكرت الآيات المرائين الذين يفعلون ما يفعلونه مراءاة للناس، ويمنعون إعارة ما لا تضرّ إعارته، أي أنهم لا يحسنون لله تعالى ولا لخلقه، فقال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ﴿١﴾ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴿٢﴾ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴿٣﴾ فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ ﴿٤﴾ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴿٥﴾ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ﴿٦﴾ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴿٧﴾}.

دروس تربوية من سورة الماعون

في القرآن الكريم وسورة الماعون دروس وعبر عظيمة تصلح لكل زمان ومكان، وتساعدك على تأدية دور الخلافة على أكمل وجه وعلى أحسن حال، من غير إفراط ولا تفريط، فالاستقامة منبعها القرآن الكريم، فالدين ليس فقط مظاهر، ولا تٌغني مظاهر العبادات والشرائع إذا لم تكن نابعة من إخلاصك وإيمانك الداخلي، فالدروس المستفادة من السورة باختصار هي تجنب الصفات السيئة التي اتصف بها المنافقون من رياء، وكره مساعدة الناس، وإهمال الصلاة، وعدم التصديق بيوم القيامة، ولهذا يجب أن تحرص على الالتزام بأوامر الله والابتعاد عن نواهيه والموازنة بين عباداتك وعمل الخير.

كما جاءت هذه السورة لتربط السلوك بالعقيدة فربطت مجموعة من الأخلاق المتعلقة بالسلوك بالعقيدة الإسلامية، كما أنها سعَت لتحوّل المسلمين إلى أشخاص ذوي خلق عظيم وسلوك حسن مع الآخرين، وأعطَت هذه السورة مفهومًا متكاملًا عن دين الإسلام وبيّنت أن الدين الإسلامي لا يقوم فقط على العبادات وإنما يقوم على الأخلاق الحسنة مع الله تعالى ومع خلقه، وحذرت الآية المسلمين من اعتمادهم على قولهم فحسب وإقرارهم الإسلام لفظًا ولكن هذا لا ينفع وحده يوم القيامة وما ينفعك عملك الصالح وعباداتك معًا.

قد يُهِمُّكَ: سبب نزول سورة الماعون

تعدّ سورة الماعون من السور المكية في قول عطاء وجابر، ومدنية في قول قتادة، وتحتوي على سبع آيات، ولكل آية فيها سبب نزول، نبينها لك فيما يلي:

• قال تعالى: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ}، اختُلِفَ فيمن نزلت هذه الآية، فذكر أبو صالح عن ابن عباس قال: “نزلت في العاص بن وائل السهمي”؛ وأكّد على هذا الكلبي ومقاتل، وروى الضحاك عنه قال: “نزلت في رجل من المنافقين”، وقال السدي: “أنها نزلت في الوليد بن المغيرة”، وقيلَ أيضًا أنها نزلت في أبي جهل.
• قال تعالى: {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ}، قال ابن جريج إن هذه الآية نزلت في أبي سفيان، وكان ينحر في كل أسبوع، فطلب منه يتيمًا شيئًا ، فقرعه بعصاه؛ فأنزل الله هذه السورة فيه.
• قال تعالى: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ }، كان المنافقون يبخلون على الفقراء والمساكين ويبررون ذلك لأنفسهم، فنزلت هذه الآية بهم.
• قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)}، نزلت هذه الآية في المنافقين الذين لا يريدون أخذ الثواب بصلاتهم إن صلوا، ولا يخافون من العقاب إن تركوها، ومعنى سهوهم عن الصلاة أنهم غافلون عنها غير مبالين بها حتى تفوتهم بالكامل أو يخرج وقت أدائها.
•  قال تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)}، وهم الذين يتصفون بالرياء، واختلف المفسرون في تفسير الماعون فمنهم من قال أنها الزكاة، ومنهم من قالوا الماء، ومنهم من قالوا أنها تعني منافع البيت مثل الفأس والقدر وما شابه ذلك.