القرآن الكريم

كيف تم جمع القران

جمع القرآن الكريم

معنى الجَمْع في اللغة هي مصدر للفعل جَمَعَ، وأجمعت الشيء جعلته جميعًا واحدًا، فالجمع هو ضم الشيء بتقريبه لبعضه البعض، فالجمع كلمة تدل على الجمع والاجتماع والتأليف وضم المتفرّق، وجمع القرآن في الاصطلاح بمعنى جمعه أيّ حفظه في الصدور غيبًا، وجمعه بمعنى كتابته وتتبعه وجعله في كتاب واحد وهو المصحف، وقد نزل القرآن الكريم مفرقًا، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصًا على عدم ضياع أيّ كلمة منه، فكان يُردد ما يُلقّنه عليه جبريل عليه السلام قبل أن ينتهي من تلقينه، ولكن نزل الوحي الإلهي بأن لا يستعجل الرسول بترديد القرآن وأن الله تعالى سيحفظه على مدى الزمان، وقد كان الصحابة حريصين على كتابة ما ينزل من القرآن الكريم أولًا بأول، فتوفي الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن مجموعًا في الصدور، ومن أشهر حفظة القرآن الكريم عبدالله بن مسعود، أُبي بن كعب، زيد بن ثابت، أبو الدرداء، عائشة أم المؤمنية، أُم سَلَمة.

ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم كان مكتوبًا بالكامل عند وفاة الرسول لكنه كان متفرقًا ولم يكن مجموعًا في مكان واحد، فقد كانت كل سورة أو مجموعة سور قصار تكتب على أحجار متناسقة ويربط عليها بخيط، ومن ثم توضع في بيوت أمهات المؤمنين أو كتبة الوحي، ومن أشهر كتبة الوحي علي بن أبي طالب، معاوية بن أبي سفيان، زيد بن ثابت، والسبب في عدم جمعه في مكان واحد وآيات مرتبة ومتناسقة هو ترقّب الرسول والصحابة لنزول الوحي في أي وقت، والسبب الثاني هو عدم وجود وسائل مناسبة للكتابة.

كيف جُمِعَ القرآن الكريم؟

قد يتبادر إلى ذهنك التساؤل عن كيفية جميع القرآن الكريم، فقد مرّ جمع القرآن الكريم وترتيبه في ثلاث مراحل، وهي:

  • جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: كانت المرحلة الأولى من مراحل جمع القرآن الكريم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بطريقتين، وهما:
  • جمع القرآن من الصدور: حيث كان الكثير من الصحابة يحفظون القرآن الكريم، فدوّنوا ما يحفظونه من آيات الله تعالى.
  • كتابته في السطور: حيث كان الصحابة رضوان الله عليهم يكتبون القرآن الكريم بأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم على ورق النخيل وعلى الحجارة الرقيقة وعلى قطع الجلد، ثم يضعوا ما كتبوه في بيت الرسول، فانقضى عهد النبوة دون تدوين القرآن الكريم في كتاب واحد بل كان منثورًا بين عدة أوراق وصحائف.
  • جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق: بعد استشهاد الكثير من الصحابة من حفظة القرآن الكريم، أشار عمر بن الخطاب على أبو بكر الصديق بجمع القرآن الكريم، فأمر أبو بكر الصديق زيد بن ثابت بجمع القرآن لخوفه أن يضيع شيئًا منه بعد موت الكثير من حفظته، فجمع زيد بن ثابت القرآن الكريم المكتوب على الصحف واللخاف في مصحف واحد، ووضِعت الصحف عند أبي بكر الصديق حتى توفي، ثم حفظها عمر بن الخطاب حتى توفي، وبعدها تولت المهمة حفصة بنت عمر.
  • جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان: كانت هذه هي المرحلة الثالثة والأخيرة من عملية جمع القرآن الكريم، وكان السبب الرئيسي لجمعه هو اختلاف القراءات بين القرّاء، ودخول العجم وغير المسلمين إلى الإسلام، واتساع رقعة الدولة الإسلاميّة، فأشار الناس إلى عثمان بن عفان بجمع القرآن الكريم في مصحف واحد على قراءة واحدة لتتفق عليه الكلمة، وعندها أرسل عثمان بن عفان إلى حفصة لإعطائهم الصحف لنسخها في مصحف واحد، فأرسلت إليه ما عندها من صحف فنسخوها في مصحف واحد ووزّع على كل البلاد، وحُرق ما سوى ذلك من مصاحف، وهكذا حُفِظ كتاب الله من التبديل والتحريف ووصل إلينا كما هو عليه الآن دون زيادة أو نقصان.

كيف وصل إلينا القرآن الكريم؟

لكن قد تتساءل كيف وصل إلينا القرآن الكريم؟ اتفق جميع علماء الأمة الإسلاميّة على أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى تكلّم به وألقاه إلى جبريل، فنزل به جبريل عليه السلام فأوحاه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وألقاه على سمعه وقلبه، فكان نزول القرآن على النبي بواسطة جبريل، قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)}، ودلت الآيات الكريمة على أن جبريل عليه السلام لم يسمع القرآن الكريم من الله تعالى، وإنما أخذه من اللوح المحفوظ، فالقرآن مكتوب في اللوح المحفوظ وهو أُم الكتاب، وبالتالي فإن جبريل عليه السلام تلقى القرآن الكريم من رب العزة جلّ جلاله، ثم تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من جبريل عليه السلام، ثم تلقّوه الصحابة رضوان الله عليهم من الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ثم تلقاه عن الصحابة التابعين وتابعين التابعين، وهكذا تلقته الأجيال جيلًا بعد جيل محفوظًا في الصدور ومكتوبًا في المصاحف إلى أن وصل إلينا اليوم متواترًا ومحفوظًا وذلك بحفظ الله له.

قد يُهِمُّكَ

القرآن الكريم كلام الله تعالى، وعند تلاوتك له توجد بعض الآداب التي عليك المحافظة عليها والالتزام بها، وهي:

  • اخلص النيّة لله تعالى: وتجرّد من كل الأهواء والرغبات والأغراض الدنيوية الزائلة؛ لأنه إذا لم يكن لديك نية صادقة سيكون هنالك حجاب أو مانع بين القارئ وكلام الله تعالى.
  • استقبل القِبلة: فيفضّل عند قراءة القرآن الكريم استقبال القبلة.
  • حسن هيئتك وتطهر عند القراءة: وذلك من خلال لبس أحسن الثياب لديك، كما عليك التطهر من خلال الوضوء، والتطيّب، وتنظيف الأسنان بالسواك، والالتفات للقرآن الكريم وحده دون الانشغال بأي شيء غيره.
  • استعذ بالله عند الشروع بالقراءة: عند البدء بقراءة القرآن الكريم عليك الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ثم البسملة في مطلع كلّ سورة.
  • احرص على الخشوع والتدبّر في المعاني: فالخشوع وتدبر معاني وكلمات القرآن الكريم هي المغزى الأساسي للقراءة، فعليك أن تقف عند كلّ عبرة ومعنى والتأثر بكلّ وعد ووعيد، قال تعالى: {َأفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}.
  • احرص على تجويد القرآن الكريم: فيُفضّل عند قراءة القرآن الكريم تجويده وترتيله ترتيلًا حسنًا. احرص على الاجتماع للقراءة: فمن الأفضل الاجتماع لقراءة القرآن الكريم وتدارس كلماته ومعانيه، والتوسيع في المجلس لقارئ القرآن، فاجتماعك مع غيرك لتدارس القرآن محفوف بالملائكة ومغشيٌ بالرحمة، كما يذكر الله تعالى هذا الاجتماع في السماء.
  • أنصت عند سماع القرآن: فعلى السامع للقرآن الكريم أن ينصت ويتفكر في آياته سواء أكان يسمعه من قارئ أو من مذياع؛ لأن بحسن استماعك للقرآن الكريم تتنزل عليك الرّحمة.
السابق
من الصفات التي حذر الله منها في سورة الماعون
التالي
سبب تسمية سورة الانفال

اترك تعليقاً