القرآن الكريم

تفسير اية يوم يفر المرء من اخيه

تفسير قوله تعالى: “يوم يفر المرء من أخيه ..

” قال تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}، جاءت هذه الآيات الكريمة في سورة عَبَسَ، وذكر الرّسول صلى الله عليه وسلّم نهايتها عندما سُئل عن النّاس الذين سيُبعثون يوم القيامة حُفاة عُراة، فتلى: {لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}، كما بيّنت هذه الآيات كيف سيفرُ ويُعرِض العبد عن الأخ والأم والأب والزوجة أو الزوج والأبناء، نتيجة أهوال يوم القيامة التي سيراها، فلا يسأل عنهم ولا عن حالهم، وذلك لانشغاله بنفسه، قال صلى الله عليه وسلم: [يُبعَثُ النَّاسُ حُفاةً عُراةُ غُرْلًا قد ألجَمَهم العرقُ وبلَغ شحومَ الآذانِ فقُلْتُ يُبصِرُ بعضُنا بعضًا فقال شُغِل النَّاسُ لكلِّ امرئٍ منهم يومئذٍ شأنٌ يُغْنِيه].

وقيل أنّ المرء يفر من كل أولئك ليس فقط لأنّه يعلم أنّهم لا يغنون عنه شيئًا، بل يفرُّ خوفًا من أن يُطالبوه بالتّبعات، ليقول له الأخ لم تواسني بمالك، والأبوان يقولان قصرت في برّنا، والصاحبة تقول أطعمتني الحرام وفعلت وصنعت، والبنون يقولون لم تُعلّمنا ولم ترشدنا، إذًا، كلٌ منهم له شغله الشّاغل وهمّه الكافي.

ما الحكمة من تقديم الفرار من الأخ على الأم والأب؟

إنّ المراد من هذه الآية الكريمة أن يبيّن الله للناس أن الأشخاص الّذين كان يستجير بهم في الدُنيا، هم نفسهم الّذين يفرُّ منهم في الآخرة، وتعددت الشروحات لمعنى هّذا الترتيب، ومنها ما جاء به العلماء، إذ أوضحوا أنّ البدء بالأخ كان بسبب العلاقة الوطيدة الّتي تنشأ فيما بينهما منذ أيام الصبا، حتى يستمر التآلف بينهما مدى الحياة، وتقوى وتزيد أواصر المحبّة، ثم انتقل بالحديث عن الأبوين فهم أشد قربًا لابنهما، وخُصّت الأم بالتقديم لأن انتماء الابن لأمه أقوى من انتمائه لأبيه، ثم انتقل لذكر الزوجة والأبناء فهم عائلة الإنسان وأكثرهم ملازمةً له، والله تعالى وحده أعلم.

قد يُهِمُّكَ: النفخ في الصور

قال تعالى: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا}، يُعد النفخ في الصّور من أهوال يوم القيامة التي على كل مؤمن الإيمان بها إيمانًا قطعيًا، إذ جاء في القرآن الكريم والسنّة النبويّة أمر النفخ في الصور، وبيّنت النصوص للناس ما يتبعه من أحداث، أمّا السنّة النبوية فعرّفت الصّور بأنّه عبارة عن آلة على شكل قرن يُنفخ فيها، فأمْرُ نَفْخِ الصور مُوكلٌ به سيدنا إسرافيل عليه السلام، وقد تهيّأ لهذه المهمة منذ أن أوكله الله بها، وكلّما اقترب الموعد ازداد تهيُؤه، إذ يُنفخُ في الصور مرّتين، وفيما يلي توضيحهما:

  • النفخة الأولى: هي نفخة الموت وتسمّى نفخة الصعق؛ وسميّت بذلك لأنّ هذه النفخة تُميت كل المخلوقات في السماوات والأرض إلا من يشاء الله، حتّى يموت آخر حي وهو مَلَك الموت، ثمّ ينفرد بعدها الله جلّ وعُلا، ويقول بعدها سبحانه: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ}، ثلاث مرّات، فيُجيب نفسه {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}، الذي حكم وقهر كل شيء.
  • النفخة الثانية: يُحيي الله تعالى إسرافيل عليه السلام، ثم يأمره لينفخ بالنفخة الثانية، وهي نفخة البعث الّتي توقظُ جميع الأموات من موتهم، وبعد يقظتهم يُحشرون في أرض المحشر، وقد جاء ذكر هذه النفخة في القرآن ذِكرًا صريحًا، قال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}.
السابق
فوائد قراءة سورة الفتح
التالي
خواص السور والايات

اترك تعليقاً