القرآن الكريم

فوائد قراءة سورة الفتح

سورة الفتح

القرآن الكريم هو كلامُ اللهِ تعالى المُنزَّل على نبيه مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، المُتعبَّدُ بتلاوته، المُعْجِز بلفْظه ومعناه، المنقول إلينا بالتواتر، المكتوب في المصاحف من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، وهو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم في قومه الذين عُرفوا بالفصاحة والبلاغة وصحة اللسان، وهو كتاب صالح لكل زمان ومكان، ففيه الكثير من الأحكام التي توضح للمسلم المنهج العام في حياته من دين وعبادة، ومعاملات وأخلاق وسلوك، ولكل سورة من السور أسباب للتنزيل وخواص وفضل وفوائد.

وسورة الفتح سورة مدنية ترتيبها في القرآن الكريم السورة الثامنة والأربعون، وعدد آياتها تسع وعشرون آية، وقد نزلت على الرسول عليه السلام في السنة السادسة للهجرة بعد صلح الحديبية في المدينة المنورة، ولمّا نزلت فرح بها الرسول صلى الله عليه وسلم فرحًا شديدًا، وقد تطرقت سورة الفتح إلى عدد من المواضيع المختلفة، وتميزت بأسلوب قرآني خاص دون فصل الحوادث والتسلسل والترتيب فيما بينهما، وإنما بذكر لمحات توجيهية تربوية، وربط بين الحوادث الخاصة والقواعد الإسلامية العامة، كما تميزت بالأسلوب الخطابي الفريد من نوعه الذي خاطب فيه الله عز وجل القلوب والأفئدة لطمأنتها، وإيذانًا لها بالنصر والفوز المحتم، وقد تكررت كلمة الفتح في السورة مرات عديدة، كما أن المسلمين توفقوا بعدها في فتوحات مختلف المناطق المجاورة والمحيطة بالجزيرة العربية، وفي المقال الآتي بيان فوائد قراءة سورة الفتح، إضافة إلى ذكر موضوعات السورة، وسبب نزولها.

فوائد قراءة سورة الفتح

حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توجيه الصحابة وحثهم على المداومة على قراءة آيات القرآن وتدبرها والوقوف عند معانيها وحفظها، فيجب على المسلم ألا يهجر كتابه الأهم الشامل لكل جوانب حياته، فلكل سورة أثر وفوائد عظيمة، وفيما يأتي ذكر فوائد سورة الفتح:

  • نزلت سورة الفتح طمأنةً وبشرى للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة أجمعين، لذا فإنها تمد كل مسلم بالسكينة والراحة، فيهرع ليقرأها فتبدل قلقه وحزنه أمنًا وسلامًا.
  • تعلّم سورة الفتح أن على المسلم بذل المشقة والجهد لنيل ما يصبو إليه من آمال وأحلام وطموحات، تمامًا كما فعل المسلمون وجاهدوا لينالوا الفتح المبين والنصر العزيز.
  • يتقرب المسلم من الله عز وجل عندما يقرأ آياتها ويتدبر في معانيها، كما أنها من أحب السور إلى الرسول صلى الله عليه وسلم نظرًا لما تمثله من تأييد من الله عز وجل.
  • توجه السورة الكريمة المسلم إلى ضرورة الامتثال لأوامر الله عز وجل ومخالفة الهوى، فالله يعلم ما لا يعلمه العبد بقدراته الضعيفة، وفي هذا تسليم تام لرب العالمين.
  • يستشعر المسلم عند قراءة آيات سورة الفتح التمكين الذي أعده الله للمؤمنين ووعدهم به إن هم أطاعوه وامتثلوا لأوامره، مما يقوي من عزيمته ويشد من بأسه ويقينه.

  مواضيع سورة الفتح

تضمنت سورة الفتح العديد من المقاصد، وهي كما يأتي:

  • بشارة المؤمنين بالمغفرة والثواب والتأييد بالنصر والعون بجند من عند الله عز وجل في معركتهم مع المشركين، بالإضافة إلى الوعيد بما أعده لهم من غضب وعقاب و نار جهنم.
  • الإشارة إلى بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم أنها بيعة الله عز وجل، وتوثيق رباط المؤمنين مع الله ووصفه بالرباط الأبدي الذي لا يموت ولا يتغير.
  • التحقير من شأن الأعداء الذين صدوا الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم عن بيت الله، ومنعوا ذبح الهدي الذي أقبلوا به تقربًا لله عز وجل، مع التأكيد على الحكمة التي يريد الله إيصالها للمؤمنين من تأخر وصولهم وزيادة يقينهم بربهم.
  • ذكر صفات صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الحسنة التي يتفردون بها عن غيرهم من الناس، ومنها أنهم أشداء على الكافرين ويغضبون عند المسّ بدينهم لكنهم رحماء فيما بينهم، وكذلك بيان أن الله تعالى وعدهم بالمغفرة والثواب والجزاء الحسن وهو جنة عرضها السماوات والأرض أعدها الله للمتقين.
  • التجرد الكامل للرسول صلى الله عليه وآله وسلم من كل إرادة ذاتية إلا ما يصله من إيحاء وإلهام علوي من الله الحق، واتباع هذا الإلهام في كل خطوة يخطوها وكل قرار يتخذه، على الرغم من أن الصحابة لم يتقبلوا في البداية استفزاز المشركين لهم لكنهم في النهاية فاؤوا إلى الرضا والقبول واليقين.
  • طبيعة المسلمين البشرية التي مرت بعدد من التغيرات النفسية والتقلبات، فالإيمان كما أخبر الرسول الكريم يزيد وينقص، لكنهم بالنهاية تحلوا بقدر من النضوج جعلهم يتبعون المنهج السليم والطريق القويم.
  • بينت الآيات من هم أصحاب الأعذار الذين أُبيحَ لهم التخلف عن القتال؛ وذلك لأنه لا إثم عليهم في ذلك، ولعجزهم عن مباشرته.
  • بيان أن الله سبحانه وتعالى صَدقَ رسوله الرؤيا بالحق، وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في منامه أنه يدخل هو ومن معه من المؤمنين إلى المسجد الحرام مقصرين لا يخافون، وآمنين محلقين رؤوسهم.

سبب نزول سورة الفتح

يرجع سبب نزول هذه السورة العظيمة إلى حادثة وقعت في السنة السادسة للهجرة في صلح الحديبية، حين شد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الرحال إلى مكة مبتهجين ومسرورين لعودتهم لديارهم وبيوتهم وعبادة الله عز وجل، فما كان من المشركين إلا أن رفضوا دخولهم وأعادوهم باتفاق أن يعودوا في العام المقبل لأداء شعائر العمرة، فحزن المسلمون حزنًا كبيرًا، خاصةً أنهم اضطروا لذبح الشياه والإبل التي أتوا بها تقربًا لله خارج المكان، فأنزل الله سورة الفتح كسكن على قلب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة الكرام وطمأنينيةً لهم بأن الفرج والفتح آتٍ وأن يتجنبوا القتال ويعودوا ثم يرجعوا في العام المقبل فاتحين وغانمين، وقد غفر الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم في سورة الفتح ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وقد أتت جيوش المسلمين وجموعهم الطاهرة في السنة الثامنة للهجرة، وتوجهت إلى مكة المكرمة؛ كي تدخلها مرفوعة الرأس وحتى تتحقق رؤيا النبي عليه الصلاة والسلام الصادقة، ولكي يؤدي المسلمون مناسك العمرة.

السابق
خواص سورة الفتح
التالي
تفسير اية يوم يفر المرء من اخيه

اترك تعليقاً