القرآن الكريم

سبب تسمية سورة الزخرف

تعريف بسورة الزخرف

هي إحدى سور القرآن الكريم المحفوظ بين دفتي المصحف الشريف وتقع في المرتبة 43 حسب ترتيب المصحف العثماني، فيما تقع في المرتبة 62 حسب نزول السور، فقد نزلت قبل سورة الدخان وبعد سورة فصلت، وهي من الحواميم لأنها بدأت بالحروف المقطعة (حم)، ويصل عدد آياتها إلى 89 آية، وهي سورة مكية بالاتفاق حسب ما رواه ابن عطية، فيما روى قتادة وعبد الرحمن بن زين بن أسلم أنها مكية باستثناء آية واحدة مدنية وهي في قوله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}، لأنها نزلت في المسجد الأقصى، فإذا صح ذلك لم يكن منافيًا لأن القرآن المكي هو ما نزل قبل الهجرة بغض النظر عن مكان نزوله، نزلت قبل سورة الدخان، وبعد سورة فصلت، وسنتحدث في هذا المقال حول سبب تسميتها بهذا الاسم، بالإضافة إلى مقاصدها بشيء من التفصيل.

سبب تسمية سورة الزخرف

سُمّيت سورة الزخرف بهذا الاسم في المصاحف القديمة والحديثة، كما ورد اسمها في كتب التفسير كما في كتاب الترمذي، فيما ورد في كتاب صحيح بخاري باسم حم الزخرف، لأن مطلعها حروف مقطعة من حم، ووجه التسمية ورود كلمة زخرفًا فيها على نحو منفرد مقارنة مع بقية سور القرآن الكريم، فاصطلح على تسميتها بها، قال تعالى: {وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ، وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ}. وقيل في سبب التسمية أيضًا أنها تحدثت في مضمونها عن متاع الحياة الدنيا الزائل، وبريقها الخداع اللامع الذي يغري كثيرًا من الناس مع أنها لا قيمة لها عند الله جل وعلا، بل لا تساوي جناح بعوضة، وعليه فإن الله جل وعلا يعطيها للمؤمن والكافر على حد سواء، ولو كان ذات قيمة لما أعطاها للفاجر، بخلاف الآخرة التي خُصت بالمتقين، وتجدر الإشارة إلى أن كلمة زخرف في معاجم اللغة العربية هي مصدر مشتق من الفعل الرباعي زَخْرَفَ بمعنى زيّن وحسّن، فنقول: زخرف المنافق كلامه أي حسنه بالكذب، وزخْرف الأرض أي نباتها وورودها وزينتها.

مقاصد سورة الزخرف

مما لا شك فيه أن القرآن الكريم كلام الله جل وعلا، وحاشى لله أن ينزل آياته عبثًا دون أهداف ومقاصد تتضمنها السورة الكريمة، وفيما يتعلق بسورة الزخرف يمكن إجمال مقاصدها وأهدافها فيما يأتي:

  • أقسم الله جل وعلا في بداية السورة بالقرآن الكريم، فهو أهل للقسم كونه يضم معاني وكلمات جليلة تعجز الخلائق منفردة أو مجتمعة على الإتيان بمثله، وهذا تحدٍّ حقيقي قائم إلى يوم القيامة، ولن يستطيع أحد الإتيان بمثل سورة منه أو حتى آية واحدة، لأنه معجزة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم تؤكد صدق نبوته وبعثته.
  • إنذار المشركين بأنهم عرضة للعذاب الأليم يوم القيامة، وهذا أمر مشابه لما حصل مع غيرهم من الأمم السابقة التي أبت واستكبرت.
  • سرد جدلي إقناعي حول ربوبية الله جل وعلا التي ينفرد بها عمن سواه.
  • التعجب من حال المشركين الذين يؤمنون أن الله جل وعلا خالق السماء والأرض وما بينهما وما عليهما، مع ذلك فإنهم يعبدون شركاء مع الله لم يخلقوا شيئًا، وليسوا قادرين على ذلك.
  • تقرير يوم البعث، إذ يبعث الناس من قبورهم أحياء، وهو ما يشبه إنبات الزرع في الأرض الميتة البور بعد نزول المطر عليها بفضل الله.
  • إبطال أي معبودات من دون الله فكلهم مخلوقات لا يملكون ضرًا ولا نفعًا ولا حياة ولا نشورًا.
  • بيان فضل الله جل وعلا ونعمه، إذ سهّل لهم ما يركبون فيه في البر والبحر، فعليهم أن يذكروا نعمة الله عليهم ويسبحوه ويشكروه بكرةً وأصيلًا.
  • بيان حجج المشركين في عبادة آلهة أخرى مع الله جل وعلا بتقدير الله وقضائه الجبري الخارج عن إرادتهم، مع تفنيد مفصل لكل هذه الحجج غير المنطقية كونهم يملكون أمرهم وهم بإرادتهم أرادوا تقليد آبائهم تقليدًا أعمى دون تفكير.
  • براءة سيدنا إبراهيم عليه وسلم مما كان يعبده أبوه وقومه، مع بيان حقيقة ملته عليه السلام، فهي ملة التوحيد الخالصة وهي ما جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
  • جدال المشركين في قولهم بأن القرآن الكريم إنما هو نوع من أنواع السحر.
  • اعتراض المشركين على اختصاص الله جل وعلا بتنزيل القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم دون غيره من رجال مكة، مع وجود رد سريع على هذا الاعتراض بأن الغنى المادي في الدنيا لا يؤهل صاحبه بالضرورة إلى أن يكون نبيًا مبعوثًا وصاحب رسالة.
  • إقرار منهج أن مَن يكف بصيرته عن تدبر وفهم آيات الله جل وعلا، فإن الله يهيّئ له شيطانًا يصده عن سبيل الله.
  • تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم ليتمسك بما أوحي إليه، ويؤدي الأمانة ويبلغ الرسالة لأنه على طريق الحق والصراط المستقيم.
  • اختصاص الله جل وعلا الأمة العربية والرسول صلى الله عليه وسلم بإنزال القرآن الكريم بلغتهم لا بلسان غيرهم من الأمم.
  • إنذار المشركين مما يعبدون من دون الله، فهم يعرضون أنفسهم للانتقام والهلاك إذا ما أصروا وعاندوا وكذبوا رسولهم.
  • تقرير أن سيدنا عيسى عليه السلام إنما هو عبد من عباد الله، وليس ابن الله كلفه بالرسالة والنبوة، وهذا رد صريح على مَن يجادل بشأنه عليه السلام.
  • تقرير أن الملائكة عباد الله في السماوات وليسوا بناته.
  • بيان حال مَن خالف نداء الحق وأعرض عنه.
  • توجيه الله جل وعلا لسيدنا محمد ومَن بعده من دعاة الإسلام بالصفح عن المشركين، وإنذارهم بجزائهم يوم القيامة.

أسباب نزول سورة الزخرف

اشتملت سُورة الزخرف على آيتين اثنتين لهما سبب لنزولهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

  • الآية 32 من السورة: {لولا نُزّل هذا القرآن على رجلٍ من القريتيّن عظيم}: وكان سبب نزول هذه الآية أنّ كفّار قُريش رأوا أنّ هناك من هو أحقُّ من الرَّسول صلى الله عليه وسلم محمد بالنُّبوة والرِّسالة، وهما رجلان معروفان في منطقة الحجاز: الوليد بن المغيرة في مكّة، ومسعود بن عمرو الثَّقفيّ في الطائف؛ فدحضت هذه الآية قولهم واستحقاق هؤلاء للنُّبوة، وأكدت على نبوة رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام.
  • الآية 57 من السورة: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ}: التي فندّت وأنكرت قول قريشٍ للنّبي صلى الله عليه وسلم عندما أخبرهم أنّ الله وحده سبحانه وتعالى المُستحقّ للعبادة دون غيره، ويُحرّم عبادة أي أحدٍ سواه أو إشراك أحد في عبادة الله؛ فكان جوابهم أنّ سيدنا عيسى عليه السَّلام كان عبدًا لله، ومع هذا فقد عُبِد من دون الله من قِبَل مجموعة ما.

سور الحواميم

تعرّف سور الحواميم بأنها السور القرآنية المبتدئة بـ حرفي الحاء والميم، ويبلغ عدد السور 7 سور، وهي: فصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، وغافر، وقد اشتركت سور الحواميم بمجموعة من الصفات والأهداف فيما بينها، كما أشارت كثير من الأحاديث النبوية الشريفة على فضل هذه السور فعن أبي صفرة قال: حدثني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنْ بُيِّتُّمُ اللَّيلةَ فقولوا : حم لا يُنصَرونَ).

هدف سور الحواميم

أبدت سور الحواميم تركيزها على انتقال أمر الدعوة الاسلامية إلى العرب خاصة محمدًا صلى الله عليه وسلم بعد أن كانت لسنواتٍ وسنوات في بني إسرائيل، وقد ظهر أغلبية أنبياء الله من بني اسرائيل، وإسرائيل هو نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، كما أكدّت هذه السور على عِظَم المسؤولية وما تحمله من مختلف الواجبات والمحاذير، وقد ظهر ذلك جليًا من خلال بعض التوصيات الواردة في كلِ سورة من سور الحواميم، فقد ركزت جميعها على أهمية التمسّك بمبادئ الشورى والجماعة فيما بيننا والتخلّي عن التكبر في سبيل المصلحة العامة، لننعم بخير الحياة الدنيا وجنة الآخرة وتصبح أمة محمد خلفاء الله في الأرض.

فضل سور الحواميم

تظهر أهمية سور الحواميم من خلال مجموعة من الأحاديث الواردة عنه صلى الله عليه وسلّم، [فقد حَدَثَ أنَّ رجُلًا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : يا رسولَ اللهِ أقرِئْني القُرآنَ قال : ( اقرَأْ ثلاثًا مِن ذَواتِ الر ) قال الرَّجُلُ : كبِر سِنِّي وثقُل لساني وغلُظ قلبي قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( اقرَأْ ثلاثًا مِن ذواتِ حم ) فقال الرَّجُلُ مِثْلَ ذلكَ ولكِنْ أقرِئْني يا رسولَ اللهِ سورةً جامعةً فأقرَأه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} حتَّى بلَغ: {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ *وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} قال الرَّجُلُ : والَّذي بعَثك بالحقِّ ما أُبالي ألَّا أزيدَ عليها حتَّى ألقى اللهَ ولكِنْ أخبِرْني بما علَيَّ مِن العملِ أعمَلْ ما أطَقْتُ العمَلَ قال: ( الصَّلواتُ الخَمسُ وصيامُ رمضانَ وحجُّ البيتِ وأدِّ زكاةَ مالِكَ ومُرْ بالمعروفِ وَانْهَ عنِ المُنكَرِ].

معلومات عن سور الحواميم

نقدّم لكم فيما يلي بعض المعلومات العامة عن سور الحواميم السبع:

  • جميع سور الحواميم هي سور مكية، أي إنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل الهجرة.
  • تتحدث الآية الثانية من هذه السور عن قيمة القرآن الكريم، وهي الآية التي تأتي خلف {حم}.
  • دعت سور الحواميم إلى الوحدة والشورى، وحذرت من الفُرقة.
  • وردت في سور الحواميم قصة سيدنا موسى ودعوته لقومه بني اسرائيل.
  • جاء من مضامين هذه السور التركيز على الصفح والعفو والغفران.
السابق
سبب تسمية سورة الحجر
التالي
خواص اية النور

اترك تعليقاً