القرآن الكريم

خواص اية النور

خواص آية النور

آية النور هي آية 35 من سورة النور، والتي تبدأ بقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}، وهي من الآيات التي تميّزت عن غيرها من الآيات الكريمة، فقد كثر فيها التشبيه والطباق والبلاغة، وقد ضرب الله تعالى للناس في هذه السورة عدّة أمثلة وعدّة فوائد، فقد بدأت السورة بقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} بإفراد الله سبحانه وتعالى بالنور في الأرض وفي السماوات، فقد ضرب الله تعالى الأمثلة للناس لتقرير تعاليم الدين ومبادئه، وقد صورت لنا هذه الآية الكريمة نور الله تعالى الذي يشمل الكائنات جميعها، فيقف العقل والفكر مبهورًا أمام إبداع الله تعالى وقدرته وعظمته،وقد تميّزت الآية بضرب مثل جميل عن نور الله تعالى وقدرته، فالله نور السماوات والأرض، لأن النور نوعان؛ نور حسي؛ وهو النور الصادر من الكواكب والنجوم، وهو نور مُستَمَد من نوره سبحانه وتعالى، لأنه هو الذي ينوّر الكون، والنّور المعنوي؛ وهو نور الإيمان بالله وشرعه وكتابه.

فلولا نور الله تعالى لتراكمت الظلمات على المسلمين، فمثل نور الله وهو الإيمان والقرآن في قلب المؤمن كالمشكاة؛ وهي الحفرة غير النافذة في الحائط والتي يوجد فيها مصباح، إذ تجمع هذه الحفرة نور المصباح، وذلك المصباح في زجاجة شديدة الصفاء كأنها كوكب درّي، ويوقد المصباح من شجرة مباركة وهي شجرة الزيتون، ولشدّة صفاء زيت هذه الشجرة فإنه يكاد يُضيء حتى لو لم تَمَسَّه النار، فإذا مسّته النار أضاء بقوّة وشدّة، فهو نور من شدّة توهّج الزيت، ونور بعد إشعاله بالنار، ويقصد الله تعالى بقوله “لا شرقية ولا غربية”؛ أي أنها لا شرقية أي لا تصيبها الشمس آخر النهار، ولا غربية أي لا تصيبها الشمس أول النهار وإنما متوسطة في مكانها، فذلك مثل الهُدى يُضيء في قلب المؤمن، والله يُوفّق مَن يشاء لاتباع منهجه وسنّته، ويضرب الله للناس الأمثال ليعقلوا أمثاله وحكمته، وهو بكل شيء عليم ولا يخفى عليه شيء.

مقاصد سورة النور

يدور المحور العام لسورة النّور حول التربية، ومقصدها ذكر أحكام العفاف والستر، ومن أهم خصائص سورة النّور هي شدّة التأثير كما روي عن الطبري إذ قال: “استعمل علي بن أبي طالب ابنَ عباس رضي الله عنهم على الحج، قال: فخطب الناس خطبة، لو سمعها الترك والروم لأسلموا، ثم قرأ سورة النور، فجعل يفسرها. وفي رواية: والله لو سمعها الترك لأسلموا”، ولما قدم الرسول إلى المدينة المنورة وآوته الأنصار، وتخلت عنه العرب أنزل الله تعالى الآية رقم 55 من سورة النور، فقال تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ}، وقال العلماء عن آية الإفك أنها أفضل آيات القرآن الكريم، لأن الله تعالى عظّم من شأن الإفك، وتوعد القائلين به أشد الوعيد، وجعل ذلك منافيًا للإيمان، ومن أهم خصائص سورة النور ما يلي:

  • سورة النور حملت النور معها؛ نور المعنويات، ونور القيم، ونور التعامل، ونور الأخلاق، ونور الإدارة والتصرف، وما دام الله تعالى قد وضع لنا هذا النور فلا يجوز للبشر أن يضعوا قوانين أخرى.
  • بيّنت هذه السورة أن جميع الأحكام والشرائع هي من عند الله تعالى، وأن ما يختاره لعباده فرض عليهم القيام به، لأن فيه مصلحتهم الدنيويّة والأخرويّة.
  • بيّنت السورة حدّ عقوبتي الزنا والقذف، وخطر هذه الجرائم على المجتمع والأسرة.
  • أظهرت السورة براءة السيدة عائشة رضي الله عنها مما رُميت به من بهتان وزور، وأن السيدة عائشة طاهرة عفيفة لا يشكّ في هذا إلا كل أفّاك مفتري.
  • ومن خصائص هذه السورة أن أوضحت وسائل الوقاية من الجريمة وكيف يمكن للمسلم أن يتجنّب أسباب الإغراء في ذلك.
  • بيّنت السورة أهمية مجافاة المنافقين وهم موجودون في كل زمان ومكان، كما صوّرت أدب المؤمنين وطاعتهم.
  • التحذير من إشاعة الفاحشة في المجتمع لأن الفاحشة إذا شاعت ستكون سببًا في هدم المجتمع وانهياره ودماره.
  • وبهذه الآية تبيّن وعدُ الله الحق لعباده المؤمنين، والاستخلاف في الأرض والتمكين في الدين والنصر على الكافرين.
  • بينت السورة أن صلاح المجتمع يبدأ من بيوت العبادة، وعلى رأس هذه هي الصلاة، فهي طهارة للقلوب والمجتمع الصالح يقوم على طهارة النفوس.
  • خُتِمَت الآية بإعلان ملكية الله تعالى لكل ما في السموات والأرض، وعلمه سبحانه وتعالى بواقع الناس وخفاياهم، وأن نهايتهم وعودتهم إليه سبحانه وتعالى ليحاسبهم على ما فعلوه إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر.

ما سبب تسمية سورة النور بهذا الاسم؟

سورة النّور هي السورة رقم 24 في القرآن الكريم، ويبلغ عدد آيات السورة 64 آية كريمة، وهي من السور المدنيّة، ويُطلق عليها سورة النّور ولا يوجد أي اسم آخر لها غير هذا الاسم، وسمّيت السورة بهذا الاسم لذكر لفظ النّور فيها لقوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}، فقال عنها الشيخ أبو زهرة رحمة الله عليه: “أن هذه السورة لو سمّيت بسورة الأسرة لكانت جديرة بهذا الاسم”، وقال الشيخ الشعراوي عن سبب تسميتها بهذا الاسم: “أننا نجد النّور يشع من كل كلمات وأحرف وآيات السورة، فالنّور يُعرّف هذه السورة أكثر من أي تعريف آخر، فالناس ترى النّور فيها بمجرد نطق اسمها، فلولا هذا النّور لم نكن لنرى شيئًا”، وقال عن سبب تسميتها الشيخ القاسمي: “أنها سمّيت بسورة النّور لاشتمالها على ما أمكن من بيان النّور الإلهي، من خلال التمثيل والتشبيه المفيد، وهذه هي من أعظم مقاصد القرآن الكريم”.

قد يُهِمُّكَ: حادثة الإفك

حادثة الإفك هي الحادثة التي استغلها المنافقون والتي وقعت لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، عندما كانت في طريق العودة من غزوة بني المصطلق، وتبدأ حادثة الإفك بنزول السيدة عائشة من هودجها لقضاء حاجة لها، فلما عادت إلى الهودج فقدت عُقدها، فرجعت إلى حيث كانت لتبحث عنه، فحمل الرجال هودجها ووضعوه على ظهر البعير ظنًا منهم أنها بداخله، وحين عادت رضي الله عنها لم تجد الركب، فمكثت في مكانها على أمل أن يعودوا ليأخذوها، وأثناء مكوثها مرّ أحد أصحاب النبي وهو صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه، فحملها على بعيره، وأوصلها إلى المدينة المنورة.

وقد استغل المنافقون هذه الحادثة ونسجوا حول السيدة عائشة الأقاويل والحكايات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، وكان على رأس من أشاع الأقاويل عبدالله بن أبي بن سلول، وأوقع معه ثلاثة من المسلمين هم؛ مسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش، وقد تأذى الرسول صلى الله عليه وسلم أشد الأذى من تلك الأقاويل والإشاعات، ومرضت السيدة عائشة، ثم استأذنت الرسول بالذهاب إلى أهلها، فانقطع الوحي عن الرسول صلى الله عليه وسلم لمدة شهر، ثم نزلت آيات سورة النور التي تبين براءة السيدة عائشة مما نُسبَ إليها من تهم باطلة.

فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١١﴾ لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ ﴿١٢﴾ لَّوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَـئِكَ عِندَ اللَّـهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ ﴿١٣﴾وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٤﴾ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّـهِ عَظِيمٌ ﴿١٥﴾ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـذَا سُبْحَانَكَ هَـذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴿١٦﴾ يَعِظُكُمُ اللَّـهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿١٧﴾}.

السابق
سبب تسمية سورة الزخرف
التالي
فوائد آيات القرآن الكريم

اترك تعليقاً