القرآن الكريم

سبب تسمية سورة الزمر

سورة الزمر

سورة الزمر إحدى سور القرآن الكريم، وترتيبها حسب المصحف الشريف 39، نزلت بعد سورة سبأ، وهي من المثاني، عدد آياتها 75 آية كلها مكية عدا 3 آيات مدنية، محورها الرئيس يدور حول الحديث عن عقيدة التوحيد لكونها أصل الإيمان وأساس سلامة العقيدة، وسنتحدث في هذا المقال حول سبب تسمية السورة بهذا الاسم بشيء من التفصيل، مع سرد فضل السورة ومقاصدها وسبب نزولها على الترتيب.

سبب تسمية سورة الزمر

ورد في تعليل تسمية سورة الزمر أن الله جل وعلا ذكر في آياتها زمرة من أهل الشقاء في نار جهنم وبئس المصير، قال تعالى: “وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ” [الزمر: 71]، وزمرة من أهل السعادة في جنة عرضها السماء والأرض، قال تعالى: “وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ” [الزمر: 73]، وكلمة زُمَر في معاجم اللغة العربية اسم يدل على الأفواج والجماعات بعضها في إثر بعض، فنقول على سبيل المثال زمرة جرثومية أي مجموعة جراثيم، ولله المثل الأعلى. وتجدر الإشارة إلى أن سورة الزمر تعرف باسم سورة الغُرَف، لأنه ورد فيها لفظ غرف بهذه الصيغة في قوله جل وعلا: “لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ” [الزمر: 20].

فضل سورة الزمر

ومقاصدها ثبت في السنة النبوية المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم على قراءة سورة الزمر، ولنا في المصطفى خير قدوة ومثال، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: “كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا ينامُ علَى فِراشِه حتَّى يقرأ بَني إسرائيلَ، والزُّمَرِ” [رواه السيوطي| خلاصة حكم المحدث: صحيح]، وتجدر الإشارة إلى أن المقصورة ببني إسرائيل سورة الإسراء. ومما لا شك فيه أن كلام الله جل وعلا يهدف إلى توضيح قضايا وأمور كثير، وفيما يتعلق بسورة الزمر فهي ترمي إلى:

  • علاج قضية وحدانية الله جل وعلا ونفي أي شبهة قد تشوب هذه الحقيقة الكاملة.
  • تسليط الضوء على حياة الآخرة.
  • إثبات تفرّد الله بالألوهية وإبطال الشرك به، مع دحض أكاذيب المشركين وزعمهم أن لله ولدًا، وذلك بالاستناد إلى دلائل لا ينكرها المشركون لأن الخطاب موجه لهم.
  • بيان أطوار خلق الكائنات الحية بما فيها الإنسان والحيوان، وما يترتب عليهم بضرورة الالتجاء إلى الله عندما يصيبهم الضر.
  • إقرار أن الرسل السابقين كلهم حملوا عقيدة التوحيد، ولم يدْعُ أحد منهم إلى الشرك بالله.
  • تحذير المشركين من مصير الأمم الغابرة، وما حل بهم من عذاب وشقاء، لا سيما أنهم وشركاؤهم لا يُعبأ بهم عند الله، بل الله غني عنهم وعن عبادتهم، كما أن رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم لا يخشاهم ولا يخشى أصنامهم لأن الله كفاه إياهم.
  • إقرار أن وعد الله حق، وقوله حق، فهو غالب على كل شيء، وعلى المرء ألا يتعجل الخير أو الرزق أو الوعد فكل عنده بمقدار وأجل مسمى.
  • بيان حال المؤمنين والكافرين في الدارين، ودعوة المؤمنين للثبات على التقوى لأن الدنيا دار مفر، والآخرة دار مستقر.
  • دعوة الناس إلى تدبر آيات القرآن الكريم فهو أحسن القصص، وأحسن الحديث، وفيه أحسن العبر.
  • بيان ما جُبِلت عليه النفس البشرية عندما يمسها سوء فتلجأ إلى الله، وما إن يرفع الضر عنها حتى تعود إلى ما كانت عليه، أو تنكر فضل الله في رفعه وتنسب الفضل لها.
  • إقرار حقيقة بعث الناس من قبورهم أحياء، وجزائهم جزاءً عادلًا بما كسبوا في الحياة الدنيا، مع ضرب أمثلة في هذا المقام كالنوم والإفاقة بعده، وإحياء الأرض بعد موتها.
  • الحديث عن أهوال يوم القيامة وما فيها من فزع أكبر ما بعده فزع، مع سرد مشاهد الإنابة والخشوع، والفصل بين العباد.

سبب نزول سورة الزمر

لا يصح سرد سبب نزول سورة مجتمعة، بل هناك سبب وراء نزول آيات السورة، نذكر منها:

  • آية: “أَمَن هُوَ قانِتٌ آَناءَ اللَّيلِ” [الزمر: 9] نزلت في الخليفة الراشدي أبو بكر الصديق، وقيل في عثمان بن عفان، وفي عمار بن ياسر.
  • آية: “وَالَّذينَ اِجتَنَبوا الطّاغوتَ أن يَعبُدوها” [الزمر: 17] نزلت في 3 رجال من الصحابة هم: زيد بن عمرو، أبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، إذ كانوا يكثرون قول لا إله إلا الله.
  • آية: “فَبَشِّر عِبادِ الَّذينَ يَستَمِعونَ القَولَ فَيَتَّبِعونَ أَحسَنَهُ” [الزمر: 18] نزلت في قلة من المؤمنين الذين صدقوا بعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهم أبو بكر، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وسعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص، ويتبعون أحسنه نزلت في أبي بكر على وجه الخصوص.
  • آية: “أَفَمَن شَرَحَ اللهُ صَدرَهُ لِلِإسلامِ فَهوَ عَلى نُورٍ مِن رَّبِّهِ” [الزمر: 22] نزلت في حمزة وعلي رضي الله عنهما ممن شرح الله صدورهم للإسلام.
  • آية: ۚ“فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ” [الزمر: 22] نزلت في أبي لهب وابنه.
  • آية: “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ” [الزمر: 53] نزلت حسب رواية ابن عباس في أهل مكة الذين نسبوا للرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: لن يغفر الله لمن قتل النفس المحرمة، وقال ابن عمر إن الآية نزلت في عياش بن ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين الذين فُتنوا وعُذبوا، فظنوا أن الله لن يقبل منهم صرفًا ولا عدلًا.
السابق
الحكمة من نزول القرآن الكريم مفرقًا
التالي
تفسير اية عبس وتولى

اترك تعليقاً