القرآن الكريم

خواص سورة الواقعة

سورة الواقعة

تعد سورة الواقعة سورةً مكيةً، إذ نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وقيل أنّه قد نزلت بعض آياتها في المدينة أثناء سفر الرسول صلّ الله عليه وسلم، ترتيبها بين سور القرآن الكريم هو السادس والخمسين، وعدد آياتها ستةٌ وتسعون آية، وبحسب ما ذكره العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين أن هذه السورة كانت كافية في حال لم ينزل من القرآن غيرها؛ لاحتوائها على الكثير من الحث على فعل الخير والابتعاد عن الشرّ وتركه، وسميت سورة الواقعة كما ذكرها النبي صلّ الله عليه وسلم، إذ ورد في الحديث الشريف عن ابن عباس قال: “قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”،

وذكرت تسميتها في عصر الصحابة، إذ روى أحمد عن جابر بن سمرة قال: “كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم يصلِّي الصلواتِ كنحوٍ من صلاتِكم التي تصلُّونَ اليومَ ولكنه كان يخفِّفُ، كانت صلاتهُ أخفُّ من صلاتِكم، وكان يقرأُ في الفجرِ الواقعةَ ونحوَها من السُّوَرِ”، والواقعة اسم يصف الوقوع أي حدوث الشيء أو الحادثة، وهي من سور القرآن الكريم القصار التي تمتاز بقصر آياتها، وهي من أحد أسماء يوم القيامة، وفيها ذكر للعديد من الموضوعات الهامة في حياة المسلم وكيفية تنشأته للآخرة، كما وتمتاز السورة بالأسلوب الشرطي، قال تعالى: “إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ “، كذلك الإعجازوالإبداع في مصطلحاتها ومعانيها.

خصائص سورة الواقعة

تحتوى سورة الواقعة على خصائص لم توجد في غيرها، ويوجد أجر وثواب لقراءتها شأنها شأن سائر السور الأخرى في القرآن الكريم، كما أنها ذُكرت في السنة النبوية الشريفة، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها للنساء: لا تعجز إحداكن أن تقرأ سورة الواقعة. وتضمنت العديد من دلائل قدرة الله سبحانه وتعالى في الكون، وتمثلت في قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ )، وآية (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ)، وفي الآية (أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ)، وذكرت السورة في آياتها وقت خروج الروح والموت، وتحدثت بعد ذلك عن أحوال الناس عند قيام الساعة وصنفتهم إلى ثلاثة أقسام، وبحسب ما قاله ابن كثير فإن الناس ينقسمون يوم القيامة إلى ثلاثة، ويبدأ الله تعالى في اختيارهم وتصنيفهم ومنهم أصحاب الميمنة من أجل تعظيمهم، وأصحاب المشأمة الذين يخافون من أحوالهم، وأخر قسم من الناس هم السابقون كما قال تعالى:(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ)، وهم السباقون لفعل الخيرات في الدنيا، ولذلك فهم في الآخرة من السباقين لدخول الجنة، ووصفوا في السورة بالناس المقربين من الله سبحانه وتعالى، ولهم منازل عليا في الجنة في أعلى عليين حيث لا منزلة بعدها.

أسباب نزول سورة الواقعة

نزلا سور القرآن الكريم على سيدنا محمد صلّ الله عليه وسلم متفرقة وليس دفعةً واحدة، إذ كان يتلوها جبريل عليه السلام متفرقة خلال فترات زمنية مختلفة، ويرجع السبب في هذا للحكمة أو الغرض الذي أراد الله تعالى تعليمها للرسول صلّ الله عليه وسلم وللناس عامة في وقتها، ويوجد سببان لنزول سورة الواقعة، وفيما يأتي ذكرهما:

  • أمطرت السماء في أحد الأيام في عهد الرسول صلّ الله عليه وعلى آله وسلم، وانقسم الناس لقسمين؛ منهم من شكر الله على نعمة المطر وعدّها رحمة بالعباد وسقيا للزرع وملء آبار الشرب بالماء وغيرها من المنافع، ومنهم من كفر وعدّها نذير شؤم وعلامةً سيئة؛ لأن الجاهلية كانت تعتقد أن المطر هو علامة على سقوط نجم، وكانوا يسمونها بالإنواء أو النوء، وقال في هذه الحادثة ابن عباس رضي الله عنه قال: “مُطِرَ النَّاسُ علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شاكِرٌ ومِنْهُمْ كافِرٌ، قالوا: هذِه رَحْمَةُ اللهِ، وقالَ بَعْضُهُمْ: لقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذا وكَذا قالَ: فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {فَلا أُقْسِمُ بمَواقِعِ النُّجُومِ}[، حتَّى بَلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكَذِّبُو}
  • سأل أصحاب الرسول صلّ الله عليه وسلم ورضي عنهم عن مقعدهم عند الله عز وجل وما هو نصيبهم من الجنة، فنزلت آيات من سورة الواقعة فقال تعالى: “ثلة من الأولين وقليل من الآخرين”، وقام صلّ الله عليه وسلم بالدعاء لهم بأن يكونوا من ربع أو ثلث أو شطر أصحاب أهل الجنة، فعن أبي هريرة قال: “لما نزل هذا [يعني (وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)] شقَّ على أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فنزلتْ : (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ. وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ). فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : إني لَأرجو أن تكونوا ربعَ أهلِ الجنةِ ، بل ثلثَ أهلِ الجنةِ ، بل نصفَ أهلِ الجنةِ ، وتقاسمونَهم في النصفِ الثاني”.

موضوعات سورة الواقعة

تناولت سورة الواقعة العديد من المواضيع والمراحل المهمة والضرورية لحياة الفرد التي من الواجب قرآءتها والتأمل بها وأخذ الموعظة والعبر؛ لضمان الثبات والوقوف ضد الملهيات في الدنيا والفوز بنعيم الآخرة، وفيما يأتي ذكرها:

  • وصف لأهوال يوم القيام وما سيحدث في تلك الساعة؛ كارتجاف الجبال وتصبح دكًا مع الأرض، وإخراج الأرض لما في بطنها، وعدم قدرة الناس على دفعها أو التخلص منها، وعدم قدرته على الكذب فيما فعلت يداه في حياته.
  • ذكر مصير المؤمنين والكفار في يوم القيامة.
  • وصف الجنة، وذكر ما فيها من نعيم للمؤمنين؛ كالأشجار والشراب والطعام والآرائك، ووصف النار وعذابها والتعب وعدم الراحة الذي يلقاه الكافرون عقابًا لهم.
  • ذكر انقسام الناس إلى ثلاثة أصناف هم؛ أصحاب اليمين وأصحاب الشمال والسابقون، وبينت جزاء كل صنف منهم، وذكر ما أعده الله لهم من جزاء عادل في يوم الحساب.
  • ذكر العديد من الدلائل والبراهين على وجود الله تعالى وكمال قدرته ووحدانيته في إبداع خلقه وصنعه مثل؛ خلق الإنسان، وإنزال الماء، وإخراج النبات، وما أودعه الله تعالى من القوة في النار.
  • تنويه بذكر القرآن الكريم، وأنه تنزيل من رب العالمين.
السابق
ما هو مرض الزهايمر
التالي
شرح سورة قريش للاطفال

اترك تعليقاً