القرآن الكريم

سبب تسمية سورة الفرقان

سبب تسمية سورة الفرقان

سميت سورة الفرقان بهذا الاسم نسبة إلى ورود كلمة “الفرقان” في آيات هذه السورة المباركة من القرآن الكريم، وبالتحديد في الآية الأولى في هذه السورة المباركة، إذ إن سور القرآن الكريم عامة تُسمى تبعًا لوصفها، مثل سورتي الفاتحة والحمد، أو أنها تُسمى تبعًا لشيء كانت قد اختصت به أو بذكره، وذلك مثل سورتي لقمان ويوسف، أو لكلمات قد جاءت في بعض السور والتي منها سورة لقمان وسورة براءة، وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن كلمة الفرقان المقصودة في هذه السورة المباركة هي إشارة للقرآن الكريم الذي يمثل معجزة المسلمين الخالدة والباقية حتى قيام الساعة، فهو يمثل الكتاب الذي يُتعبد بتلاوته، وهو الكتاب المقدس المُعجز بما فيه من بيّنات، إذ إن القرآن الكريم يفرق بين الحق والباطل، وهذا أيضًا ساهم في إطلاق لقب “الفرقان” عليه، وذلك لما يحتويه القرآن الكريم في سوره وآياته من ذكر للمؤمنين الذين يلتزمون باتباع ما أنزله الله سبحانه وتعالى من حق عليهم، بالإضافة إلى ما وعدهم الله سبحانه وتعالى به من نعيم مقيم، كما أن هذه السورة قد فرقت بين كل من المؤمنين وبين أصحاب الباطل وأتباعه الذين سلكوا طريق الغواية والضلال، وبالتالي فإنهم استحقوا نار جهنم، نظرًا لسوء ما اقترفت أيديهم وما عملوا من أعمال منكرة.

أسباب نزول سورة الفرقان

يوجد آيتان كريمتان في سورة الفرقان المباركة لهما مناسبات محددة لنزولهما، وهما:

  • نزلت الآية {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27)}في واحد من كفار قريش ويدعى “عقبة بن أبي معيط”، ,هو واحد من أصحابه المقرّبين إليه، وهو رجل يدعى “أبي بن خلف”، وقد كان معروفًا عن عقبة بن أبي معيط أنه رجل سخي وكريم حتى قيل عنه أنه لم يكن يرجع من سفره إلا وكان يقيم الولائم في منزله، ويدعو كبار الناس وأشراف القوم من قريش، وفي إحدى هذه الولائم التي كان يقيمها كان عقبة قد دعا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إلى تلك الوليمة، إلا أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان قد اعتذر عن حضور هذه الوليمة بسبب كُفر عقبة بن أبي معيط، مما أثار جزع عقبة بن أبي معيط، وقرر أن ينطق الشهادتين حتى يحضر سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم إلى تلك الوليمة، وبالفعل هذا ما حصل، فحضر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى تلك الوليمة، وعندما علم صديقه أبي بن خلف بأمر إسلام عقبة بن أبي معيط، غضب بشدة وهجره ولما برّر له عقبة سبب إسلامه أمره أن يسب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يبصق في وجهه أيضًا، بل وأن يطأ عنق النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ففعل عقبة ما أمره به صاحبه، فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة المباركة لتدل على سوء ما فعله عقبة بن أبي معيط، وأنه سوف يعض على يديه ندمًا على استجابته لصديقه أبي بن خلف الذي دعاه وحثه على الباطل، فنعت هذه الآية الكريمة حال عقبة بن أبي معيط يوم القيامة على ما قام به من فعل شنيع.
  • نزلت الآية {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68)} لتدعو قومًا من الكفار وأهل الشرك أتوا إلى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وكان هؤلاء القوم قد أكثروا من الأفعال الموبقة مثل القتل والزنا وغيرها، وأرادوا أن يسألوا عن كفّارة ما اقترفوه وفعلوه من ذنوب وأفعال سيئة، فجاءت هذه الآية المباركة والتي دعتهم إلى التوبة إلى الله سبحانه وتعالى.

مقاصد سورة الفرقان

بيّن العلماء والمفكرون وأصحاب العلم أن الهدف الأساسي الذي نزلت سورة الفرقان من أجله هو بيان عظمة القرآن الكريم الذي أُنزل على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، إذ إن كفار قريش كانوا قد كذّبوا بالقرآن الكريم الذي نزل من الله سبحانه وتعالى على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فكان أغلبهم يقولون أنه افتراء وكذب من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه الصلاة والسلام ليس سوى شاعر نظم هذا القرآن للرد على ادعاءاتهم، وركزت سورة الفرقان الكريمة على ثلاثة جوانب رئيسية، وهذه الجوانب هي:

  • سورة الفرقان أثبتت أن القرآن الكريم هو وحي من الله سبحانه وتعالى، مما يدل دلالًا واضحًا على صدق دعوة النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، إذ إنه يسير على نهج من سبقه من الأنبياء والرسل الذين دعوا إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له.
  • كما تحدثت آيات سورة الفرقان الكريمة حول البعث والجزاء، إذ إن هذه السورة في ثناياها كانت قد حملت البشرى للمسلمين والمؤمنين بحصولهم على الجزاء الأمثل الذي وُعدوا به، ألا وهو الجنّة نظير ما صبروا عليه في الحياة الدنيا، كما حذرت المشركين من كفرهم وتكذيبهم لدعوة النبي محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
  • التأكيد على عدم وجود شريك لله سبحانه وتعالى في الحُكم على الإطلاق؛ إذ ركزت هذه السورة المباركة على إثبات تفرّد الله سبحانه وتعالى في الحُكم والملك، فليس لله سبحانه وتعالى ولد ولا شركاء، ودعت هذه السورة إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وترك ما كانوا يعبدون من أوثان وأصنام، فهي لا تنفع ولا تضر، وحملت هذه السورة في ثنايا آياتها إنكار وتفنيد للكثير من إفتراءات المشركين حول أمور كثيرة، مثل أن الملائكة هم بنات الله، فسبحان الله تعالى عما يشركون.

معلومات حول سورة الفرقان

سورة الفرقان هي واحدة من السور المكية التي كانت قد نزلت على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وذلك في الفترة التي كان يتواجد فيها سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة في مكة المكرمة، ويصل عدد الآيات في هذه السورة الكريمة إلى 77 آية، كما أن سورة الفرقان تحمل الترتيب 25 في السور القرآنية المباركة في المصحف الشريف، والسورة رقم 42 من حيث النزول على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ومما يزيد من عظمة هذه السورة الكريمة هو ما تناقشه من مواضيع هامة، مثل موضوع البعث وجوانب العقيدة، بالإضافة إلى الجزاء وهي تتشابه بذلك مع السور المكية.

السابق
خواص سورة الملك
التالي
خواص سورة الفتح

اترك تعليقاً