القرآن الكريم

خواص سورة الفتح

سورة الفتح

سورة الفتح من السور المدنية التي نزلت في العام السادس للهجرة، وتسبقها سورة محمد، وقد سُميت بذلك كونها افتتحت ببشرى الفتح المبين، وهي فتح مكة وانتشار الإسلام، وهي من السور المدنية، وفيها من الأحكام التشريعية المتعلقة بالجهاد والعبادات والمعاملات، كما أنها تحدثت عن المنافقين ووعيد الله لهم بالعذاب، والبشرى التي تحققت فيها رؤيا الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ رأى في المدينة أنه والمؤمنين يدخلون المسجد في أمان واطمئنان، وجاء في نهاية السورة تأكيدًا أن الرسول عليه الصلاة والسلام أُرسل بالهدى ودين الحق، ووصفه والمؤمنون بالرحمة على بعضهم وشدتهم على الكفار، ووعد المؤمنين الصالحين بالمغفرة والأجر الكبير، وارتبط نزول سورة الفتح بحسب علماء الشريعة بالسورة التي تسبقها في الترتيب وهي سورة محمد، ففي سورة محمد تعليمًا للمؤمنين لكيفية القتال، أما في سورة الفتح ظهرت نتائج ثمرة هذه الكيفية وهو النصر وفتح مكة، كما أن السورتين فيهما أوصافًا للمؤمنين والمنافقين والكفار، وأخيرًا في سورة محمد يأمر الله تعالى الرسول عليه الصلاة والسلام بالاستغفار لذنبه وللمؤمنين، أما في سورة الفتح فذُكر في بدايتها حصول هذه المغفرة.

خواص سورة الفتح

نزلت السورة الكريمة بشرى للرسول وللمؤمنين بوعد من الله بأن يمّن عليهم بفتح مكة، ولهذا فإن لها مكانة خاصة عند الرسول، وفيما يأتي سنورد خواصها كالآتي:

  • بينت السورة صدق رؤيا رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذ تحقق رؤيته بأمر الله، فدخل المسجد الحرام آمنًا هو ومن معه من المسلمين محلقين رؤوسهم.
  • منَّ الله تعالى على المؤمنين بالسكينة والطمأنينية والسلام كما وضحت الآيات في سورة الفتح، أما فيما يخص المنافقين والمشركين فقد أعد الله لهم عذابًا وغضبًا ومصيرهم جهنم لضلالهم وحيادهم عن الطريق الصواب وإعراضهم عن رسالة الإسلام.
  • بينت سورة الفتح صفات الرسول والمؤمنين الأتقياء الذين صدقوه، فهم رحماء ببعضهم البعض يتعاونون على الخير ونصرة الدين، أما على الكافرين فهم أشداء يغضبون الله تعالى ورسوله ودينه، كما أنهم يؤدون العبادات تقربًا له، فيكثرون من الركوع والسجود حتى تظهر علامات ذلك على وجوههم، فوعدهم الله بنيل الصالحات والثواب العظيم.

فضائل سورة الفتح

ورد فضل هذه السورة من القرآن الكريم في العديد من الأحاديث الصحيحة، والتي بينت فضلها كالآتي:

  • جاء في الحديث الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله [أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَسِيرُ في بَعْضِ أسْفارِهِ، وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ معهُ لَيْلًا، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عن شيءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، فقالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، نَزَرْتَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذلكَ لا يُجِيبُكَ، قالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حتَّى كُنْتُ أمامَ النَّاسِ، وخَشِيتُ أنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَما نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صارِخًا يَصْرُخُ بي، قالَ: فَقُلتُ: لقَدْ خَشِيتُ أنْ يَكونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، قالَ: فَجِئْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَسَلَّمْتُ عليه، فقالَ: لقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهي أحَبُّ إلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إنَّا فَتَحْنا لكَ فَتْحًا مُبِينًا}].
  • نزلت السورة كما أشرنا سابقًا لتطيب خاطر المؤمنين، وقد ورد ذلك في الحديث الذي رواه شقيق بن سلمة: [قَامَ سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ يَومَ صِفِّينَ، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، لقَدْ كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَومَ الحُدَيْبِيَةِ ولو نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، وَذلكَ في الصُّلْحِ الذي كانَ بيْنَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وبيْنَ المُشْرِكِينَ، فَجَاءَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فأتَى رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَلَسْنَا علَى حَقٍّ وَهُمْ علَى بَاطِلٍ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: أَليسَ قَتْلَانَا في الجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ في النَّارِ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا، وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بيْنَنَا وبيْنَهُمْ، فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، إنِّي رَسولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا، قالَ: فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا، فأتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقالَ: يا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا علَى حَقٍّ وَهُمْ علَى بَاطِلٍ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: أَليسَ قَتْلَانَا في الجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ في النَّارِ؟ قالَ: بَلَى، قالَ: فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بيْنَنَا وبيْنَهُمْ؟ فَقالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ، إنَّه رَسولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أَبَدًا، قالَ: فَنَزَلَ القُرْآنُ علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بالفَتْحِ، فأرْسَلَ إلى عُمَرَ، فأقْرَأَهُ إيَّاهُ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، أَوْ فَتْحٌ هُو؟ قالَ: نَعَمْ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ].

حكم قراءة سورة الفتح

يتحدث الكثير من المسلمين عن أن تخصيص قراءة هذه السورة يقضي الحاجات ويجلب النصر، ولكن ردّ علماء الشريعة على ذلك بأنه أمر محدث لا أصل له في السنة النبوية الشريفة، فمن البدع بحسب ردهم التخصيص بلا دليل، وإنما يكون التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والصلاة ودوام ذكر الله، وإن قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم كان لمناسبة المقام، فنزلت السورة بعد صلح الحديبية، وفيها وعد من الله بفتح مكة مصداقًا لقوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}،فلو كان للنبي غرضًا من قراءتها بنية النصر لأمر المؤمنين بذلك أيضًا.

السابق
سبب تسمية سورة الفرقان
التالي
فوائد قراءة سورة الفتح

اترك تعليقاً