القرآن الكريم

سبب تسمية سورة ال عمران

سورة آل عمران

تعدّ آل عمران سورةً مدنيّة تبتدأ بأحرف متقطّعة، وتحتل الترتيب الثالث بين سور القرآن الكريم البالغ عددها 114 سورة، وتعد سورة آل عمران من طوال السّور، إذ يبلغ عدد آياتها 200 آية، وقد نزلت بعد سورة الأنفال، ولها أسماء أخرى مثل الزّهراء، وتاج القرآن كما ذكر البقاعي على الرّغم من عدم وجود سند بهذه التسمية، أمّا القرطبي فقال إنّ اسمها طيبة، ومن الأسماء الاجتهاديّة الأخرى للسورة؛ الكنز، لتضمّنها أسرارًا وخفايا قصّة عيسى عليه السّلام، والأمان لأنّ فيها دعوة للاعتصام بحبل الله وهو أمان للمسلمين، وكذلك المجادلة لنقاش وفد بني نجران لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتوحيد والاستغفار، وجاءت سورة البقرة للتحدث عن اليهود وهم أهل الكتاب، وبعدها جاءت سورة آل عمران على ما جادلوا فيه النصارى وأهل الكتاب بشأن ألوهية المسيح بعدما اعترضوا على القرآن الكريم وكذّبوا رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وقد جاء الحديث عنهم في نصف السورة، وقد حازت على ركنين أساسيين من أركان الدين الإسلامي، الأول التشريع وخاصة فيما يتعلق بالجهاد في سبيل الله، والثاني ركن العقيدة والبراهين والأدلة على وحدانية الله تعالى، فجاءت هذه الآيات للنبوة ولإثبات صدق القرآن الكريم، ولإثبات الوحدانية، والرد على كل الشبهات التي أثارها أهل الكتاب حول القرآن الكريم والإسلام.

يعود سبب تسمية سورة آل عمران بهذا الاسم نسبة إلى ورود قصّة آل عمران فيها، وهي العائلة التي أنجبت مريم العذراء والدة عيسى عليهما السّلام، وسميّت باسم والدها تكريمًا له وتعظيمًا لشأنه، إضافة إلى أنها سُميّت بأسماء أخرى مثل “الزهراء”، وذلك يرجع للرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم حين قال [اقرؤوا الزهراوين البقرة وآل عمران]، كما ذكر الإمام البقاعي بأن لقب هذه السورة هو “تاج القرآن” وأسماها الإمام القرطبي “التوراة الطيبة”، وتجدر الإشارة إلى أن هذين الاسمين ليس لهما مستند موثوق.

وفي هذا المقال ذكر مقاصد سورة آل عمران، وسبب نزولها، والمحاور الرئيسية التي اشتملت عليها سورة آل عمران، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ. قالَ مُعاوِيَةُ: بَلَغَنِي أنَّ البَطَلَةَ: السَّحَرَةُ].

مقاصد سورة آل عمران

لكل سورة في القرآن سبب أو مقصد من نزولها، والمقصد من وراء سورة عمران هو الثبات، إذ تقع سورة آل عمران في الترتيب القرآني بعد سورة البقرة التي أرسى الله تعالى فيها النهج السليم لعباده، وبعدها جاءت آل عمران لترسيخ هذه العقيدة والنهج الصّحيح، ولتدل المسلمين على الطرق التي تعينهم على الثّبات على الصّراط المستقيم، وعليه تُقسم سورة آل عمران إلى قسمين، هما؛

  • الآيات من 1 إلى 120: تتحدّث عن الثّبات العقدي الفكري في مواجهة التحدّيات الخارجيّة، التي يتعرّض لها المسلمون، سواء كانوا حديثي العهد بالإسلام أو قديمي العهد به، من خلال التطرّق لقصّة وفد نصارى نجران والنّقاش الذي دار بينهم وبين المسلمين لإثبات صحّة الرسالة المحمّدية، وكان أول حوار للأديان في التّاريخ، والعبرة من هذه القصّة هي تعليم المسلمين أسس مناقشة أهل الكتاب، إلى جانب ذكر غزوة أحد وكيفيّة الثبات العملي على أرض الواقع.
  • الآيات من 121 إلى نهاية السورة: تتحدّث عن الثّبات الداخلي للمسلم، مع التحذير من العقبات التي تقف أمام الثبات على الحق، مثل وسوسات الشيطان، والرّكون إلى ملذّات الدنيا من مال، وبنين، ونساء، ودواب، وذكر عوامل الثّبات وهي الاعتصام بحبل الله تعالى، واللجوء إليه لطلب الثّبات على المنهج القويم، والدعوة إلى الله، والتحصّن بالعبادة الخالصة لوجه الله تعالى.

سبب نزول سورة آل عمران

إن سبب نزول سورة آل عمران هو قدوم وفد نصراني من بني نجران يتكون من 60 راكبًا، وفي روايات أخرى 80 راكبًا ونيّف، لمحاججة النّبي صلّى الله عليه وسلّم في قصّة عيسى عليه السّلام ظانّين منهم أنّ النّبي يهين المسيح عليه السّلام، وكيف أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنّ عيسى وُلد من أم دون أب وهذه معجزة إلهيّة، فغضبوا من حديثه ولم يصدّقوه، فنزلت آل عمران تصديقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وردًّا عليهم، إذ يتمحور اعتقاد النّصارى أن عيسى عليه السّلام هو ابن الله، ومن أسباب نزولها أيضًا، ما حدث عند انتصار الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة بدر على أهل قريش، إذ جمع اليهود في المدينة المنورة قائلًا: يا معشر اليهود، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم، فقالوا: يا محمد، لا يغرنك أنك لقيت قومًا أغمارًا لا علم لهم بالحرب فأصبت فيهم فرصة، أما والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس.

المحاور الرئيسة التي اشتملت عليها سورة آل عمران

من محاور هذه السورة أنها قدمت مجموعة من الأدلة على أن الله تعالى هو الواحد الأحد، وأنه لا يوجد شريك له، وبعد كل هذه الأدلة جاء دعاء الناس للتوحيد والعبادة وطاعة الله عز وجل وحده، وجاءت أيضًا بالتحدث عن الإيمان الداخلي والثبات على عبادة الله، وتحدثت عن غزوة أحد وعن الأحداث التي جرت في الغزوة، وعرضت السورة الفتن التي ضيعت طريق الثبات فقال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).

دروس من سورة آل عمران

من الدروس التي يمكن أخذها من سور آل عمران ما يأتي:

  • دل افتتاح السورة بالأحرف المقطعة على الإعجاز القرآني.
  • التمسك والالتزام بالمنهج والثبات على المبادئ له دلالة على وجود الإيمان والاستسلام الكامل لله تعالى.
  • لا بد لثبات النفس على الحق مراجعتها من حين إلى آخر والصبر والجروع إلى الصراط.

 

السابق
افضل الزيوت العطرية
التالي
التداوي بالماء

اترك تعليقاً