القرآن الكريم

سبب تسمية سورة لقمان

سبب تسمية سورة لقمان

سُميت سورة لقمان بهذا الاسم نظراً لاشتمالها على قصة لقمان الحكيم، إذ أن قصة لقمان الحكيم قد اشتملت على النُصح وتوضيح للحكمة وفضائلها، بالإضافة إلى حديثها حول أسرار معرفة الله سبحانه وتعالى وبعض صفات الله عز وجل، كما اشتملت على ذم الشرك بالله عز وجل والتوجيه لتجنبه، وأمر المسلمين والناس كافة وحثّهم على ضرورة الالتزام بمكارم الأخلاق، ونهي الناس عن فعل القبائح والمنكرات أو الاتصاف بها، كما وذكرت سورة لقمان المباركة أيضًا الوصايا الغالية التي انطق الله سبحانه وتعالى بها لقمان الحكيم، وسورة لقمان هي سورة مكية، إلا أن الآيات 27 – 28 – 29 هي آيات مدنية.وقد اشتملت سورة لقمان عمومصا على الحديث عن موضوع العقيدة ومعالجته وفهمه، إذ أنها تركز على الجوانب الثلاثة الرئيسية للعقيدة، وهذه الجوانب هي الوحدانية والتوحيد، بالإضافة إلى جانب النبوة، وأخيرًا جانب البعث والنشور، وهي بذلك تتشابه مع السور المكية الأخرى، وتشتمل سورة لقمان على 34 آية قرآنية، وتحتل المرتبة 31 من ترتيب سور القرآن الكريم، وقد نزلت سورة لقمان المباركة بعد نزول سورة الصافات، إذ أن سورة لقمان موجودة في الجزء 21 من أجزاء القرآن الكريم، والحزب 42 أيضًا.

فضل سورة لقمان

تعد سورة لقمان واحدة من سور القرآن الكريم التي يتشابه فضل تلاوتها مع تلاوة وقراءة لقية سور القرآن الكريم، فمن قرأ حرفًا واحدًا من آيات القران الكريم يؤجر عليه بحسنة، والحسنة بعشرة أمثالها، فسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام كان قد أوصى بالالتزام بتلاوة القرآن الكريم والإكثار من تلاوته لما في ذلك من الأجر والثواب العظيمين، وقد ورد أن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام كان دائما ما يصلي صلاة الظهر بهذه الآيات الكريمة، كما أن سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام كان قد استخدم آيات هذه السورة المباركة في الحديث الذي وضح فيه مفاتيح الغيب الخمسة، وفي ذكر قصة لقمان الحكيم وحكمته التي وهبه الله سبحانه وتعالى إياها إثبات لحكمة القرآن الكريم، وقد وُجدت هذه السورة العظيمة للتنويه إلى هدي القران الكريم، وللدلالة على أن القرآن الكريم ليس فيه ذكر فقط لقصص السابقين، وإنما دعوة للالتزام بتعاليم وتوجيهات وطاعة الله سبحانه وتعالى.

لقمان عليه السلام

وهو رجل حكيم يعد أحد عباد الله الصالحين والأتقياء، ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، كما أن لقمان الحكيم كان قد عاصر سيدنا داود عليه السلام، وعُرف في ذلك الوقت بحكمته منقطعة النظير، وقد عاش لقمان كما ذُكر عنه في بلاد تدعى بـ “النوبة” المصرية، وتتحدث سورة لقمان عن الحكمة التي وهبها الله سبحانه وتعالى للقمان الحكيم، وتُمثل وصايا لقمان الحكيم على أنها أفضل الحكم والمواعظ على الإطلاق، فحكم ومواعظ لقمان الحكيم كانت تستخدم كل منها في موضعها، وقد قيل حول لقمان أنه كان رجلاً من أهون الرجال على ملكهم، بل كان أهونهم، إلا أن الحكمة التي منحها الله سبحانه وتعالى للقمان جعلته ينتقل من مكانته إلى مكانة أفضل رجل لدى ملكه.

أما بالنسبة للقب ونسب لقمان الحكيم فهو لقمان بن ياعور، وهو ابن أخت أيوب، وقد قيل إنه ابن خالته، ويعود أصله إلى مدينة “أسوان” الموجودة في جمهورية مصر العربية، وقيل في مهنته أنه كان خياطاً، كما قيل إنه كان راعيًا، وقيل أيضًا أنه كان نجارًا، وقد أخذ العلم من خلال معاصرته لأيوب عليه السلام، إذ وهبه الله سبحانه وتعالى الحكمة في ذلك الوقت، ومن المعروف أن قبر لقمان الحكيم موجود في مدينة “بيت لحم” الفلسطينية، وتحديداً في المغارة التي ولد فيها عيسى عليه السلام، أي في شرق بحيرة طبريا حيث يوجد قبر لقمان الحكيم بالإضافة إلى قبر ابنه، ومن المعروف عن لقمان الحكيم أنه لم يكن نبيًا، وإنما كان وليًا حكيمًا، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليه في القرآن الحكيم وذكر ما وعظ به لقمان الحكيم ابنه، فقد كان ولده أحب خلق الله عز وجل إلى قلب لقمان الحكيم.

وصايا لقمان الحكيم لابنه

وأول ما أوصى به لقمان الحكيم لابنه أن لا يشرك بالله عز وجل لما في الشرك بالله من ظلم عظيم، فحذره منه ثم حثه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل ما يملكه من طاقة وقدرة، فإن كانت قدرته باليد فبيده، وإن كانت بلسانه فيقوم بذلك بلسانه، أو في قلبه فيقوم بذلك بقلبه أيضًا، إذ يُذكّر لقمان ابنه بأن الله عليم بكل شيء في هذه الدنيا، وأن الحسنة أو السيئة التي يقوم الإنسان بعملها مهما كانت من الصغر أو مهما أخفاها في مكان ما مثل قلب الصخرة، أو أخفاها في السموات أو في الأرض، فإن الله قادر على أن يظهرها وسيحاسب عليها، ثم يأمره بأن يحافظ على العبادات والصلاة، وأن يدعو الناس إلى أعمال الخير، وأن ينهاهم عن الأعمال الشريرة.

كما أن لقمان الحكيم كان قد أوصى ابنه بعد ذلك بالصبر، إذ أن من البديهي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيؤدي إلى تعرض صاحبه لمعاداة الناس أو ظن السوء به، وأن يحتمل ما قد يصيبه من الأذى والشدائد، لذلك فإن عليه أن يكون صبورًا لأن العاقبة له، إذ اعتبر أن الصبر من عزم الأمور، كما أن لقمان الحكيم كان قد أوصى ابنه بأن لا يتكبرعلى الناس من حوله، أو أن يميل بوجهه عنهم عند حديثه معهم من وجه التكبر والتعالي عليهم، فنهاه عن التكبر والإعجاب بالنفس والتباهي على الناس، التبختر في طريقة مشيته الذي يُظهر جانب التكبر والغرور والفخر وعدم احترام الناس، إذ أن الإنسان المتكبر لن يبلغ طول الجبال، ولن يخرق الأرض مهما كان أو فعل، كما أن الله سبحانه وتعالى لا يحب المُتكبرين والمُختالين الفخورين، إذ يأمره بالمحافظة على نفسه من حيث الوقار والاتزان، فتكون مشيته وسطاً بين الإسراع والإبطاء حسب مقتضيات الحال، ثم أمره بأن يغض من صوته فيخفض صوته، إذ أن أنكر الأصوات على الإطلاق هو “صوت الحمير”، كما أن رفع الصوت بدرجة مزعجة ينفر الناس من حوله ويؤذيهم، وقد كانت هذه هي الحكم والوصايا التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل وهو القرآن الكريم وبالتحديد في سورة لقمان، فكانت هذه الوصايا جامعة للخير ومانعة للشر بالإجمال.

السابق
صفات عباد الرحمن في القرآن
التالي
فوائد سورة المؤمنون

اترك تعليقاً