القرآن الكريم

طريقة قراءة سورة يس لقضاء الحوائج

سورة يس وفضلها

سورة يس من السور المكية التي نزلت على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قبل الهجرة، وتأتي في الجزء الثالث والعشرين من المصحف الشريف، وعدد آياتها ثلاث وثمانون آية، وترتيبها السادسة والثلاثون بين سور القرآن الكريم، إذ تسبقها سورة فاطر وتليها سورة الصافات، افتتحت السورة بالحروف المتقطعة “يس” التي تدل على إعجار القرآن الكريم، وهي حروف لا يعلم معناها إلا الله سبحانه، لذلك سميت بهذا الاسم “يس”، وتحدثت السورة عن عدة أمور وقضايا مثل البعث والنشور، ووردت فيها قصة أهل القرية، وفيها العديد من الدلائل والآيات على قدرة الله سبحانه وتعالى في خلق الكون، ووحدانيته سبحانه، وهي من أعظم السور في القرآن الكريم.

لا شك أن لقراءة سورة يس فضلًا عظيمًا كونها من كلام الله تعالى، لكنها لا تمتلك فضلًا خاصًا عن غيرها من سور القرآن، فلم يرد حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن فضل هذه السورة، وما ورد من أحاديث في فضائل سورة يس، أكثرها مكذوبة موضوعة، وبعضها ضعيف.

حكم قراءة سورة يس لقضاء الحوائج

إن قراءة سورة يس بعدد محدد بهدف قضاء الحاجات وتيسير الرغبات لا أصل له في الشرع ويُعد من المُحدَثات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) ، كما لا يجوز تخصيص قراءة أي سورة أخرى أو حتى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعدد محدد لتحقيق هدف معين دون دليل على ذلك من الشرع، والسبب في ذلك عند أهل العلم أن العبادة يجب أن تكون مشروعة بالأصل والكيفية، وبزمانها ومكانها، وأن الالتزام بعدد أو بهيئة أو كيفيّة لم يقم عليها دليل من الشرع يُعدّ من البدع.

من المهم جدًا اليقين بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بلّغ الرسالة كاملة دون زيادة أو نقص، فلو كان هذا العمل – تخصيص سورة يس لقضاء الحوائج- خيرًا، لكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول من سبقنا وأرشدنا إليه، خاصةً مع وجود سبب يدعو له، فقد تعرض الكثير من الصحابة للظلم والأذى ولم يثبت عن أحدهم أنه فعل ذلك، ولا أرشدهم إليه النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك ينبغي البعد عن مثل هذه المُحدثات والاكتفاء بما شُرع من الأذكار والأدعية التي جعلها الله سببًا في قضاء الحوائج وسبيلًا في تحقيق الرغبات، فقد قال تعالى: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ)، وقال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )

من الأدعية الواردة في الشرع لتسهيل قضاء الحوائج

من الأدعية الصحيحة التي قد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسهيل قضاء الحوائج، ما يلي:

  • روى الترمذي، وابن ماجه، وأبو داود ،(أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سمع رجلًا يقول اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت اللهُ لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلِدْ ولم يولَدْ ولم يكنْ له كُفُوًا أحدٌ فقال : لقد سألتَ اللهَ بالاسمِ الأعظمِ ، الذي إذا سُئِلَ به أَعطى ، وإذا دُعِيَ به أجاب .)
  • روى الترمذي، وابن ماجه، (عَنْ أَنَسٍ قَالَ دخلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ المسجدَ ورجلٌ قد صلَّى وَهوَ يدعو وَهوَ يقولُ في دعائِهِ : اللَّهمَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أنتَ المنَّانُ بديعُ السَّمواتِ والأرضِ ذا الجلالِ والإِكْرامِ ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : أتَدرونَ بمَ دعا اللَّهَ ؟ دعا اللَّهَ باسمِهِ الأعظمِ ، الَّذي إذا دُعِيَ بِهِ أجابَ ، وإذا سُئِلَ بِهِ أعطى) .

مقاصد سورة يس

تضمنت سورة يس العديد من المقاصد منها ما يلي:

  • بدأت سورة يس بهذه الحروف التي لا يعلم معناها ومغزاها إلا الله سبحانه، وأقسم الله في بداية السورة بالقرآن الحكيم الدال على صدق نبوة النبي محمد عليه السلام، المبعوث رحمة للعالمين ونذيرًا لهم من عذاب أليم.
  • قَص بعض القصص التي بيّنت مصير المكذب بآيات الله سبحانه الجاحد لها، ومصير الشخص الذي ينصر الدين، ويثبت على قول كلمة الحق.
  • تبيان لعظمة الله الخالق القادر على كل شيء، المستحق للعبادة والوحدانية، ففي الكون آيات دالة على وحدانيته سبحانه وفي النفس البشرية أكبر الآيات الدالة على عظيم صنع الله المبدع في خلقه.
  • التذكير بيوم القيامة، وأن الساعة تأتي كلمح البصر وتأخذهم الصيحة وهم في خوضهم يلعبون.
  • وصف بعض مشاهد يوم القيامة، وكيفية النفخ في الصور النفخة الثانية فيقوم الناس والعباد جميعًا إلى العرض أمام الله سبحانه.
  • دحض افتراء المشركين المكذبين بيوم البعث، والقدرة على إحياء الموتى.
  • ترسيخ أركان العقيدة الإسلامية، وتجديد عهد الإيمان بالله.
  • تنبيه الكافر لينتهي عن غيه وعناده، إذ إنّ يوم القيامة لا مفر منه لينال حسابه.
  • وصف الله القرآن الكريم في مطلع السورة بأنه كتاب حكيم؛ أي موزون يضع كل أمر موضعه ومكانه، وبالقدر المناسب.

أهمية الاستعانة بالله في حياة المؤمن

إذا أراد المؤمن أن يرتقي لأعلى منازل الآخرة، فإن الله سبحانه وتعالى هو وحده من يعينه ويوفقه للعبادة والطاعة، ولكن الكثير من الناس لا يفقه مفهوم الاستعانة بالله، والكثير لا يعي أهميتها، فالمسلم لا يستطيع إنجاز شيئ من الأعمال الدينية أو الأعمال الدنيوية إلا بعد عون الله وتوفيقه سبحانه، وتيسيرها وتسهيله لها، فمعنى قوله تعالى :{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، وقال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيرها: أي نخصك وحدك يا الله بالعبادة والاستعانة، والمقصود فيها نعبدك يا رب، ولا نعبد سواك، ونستعين بك، ولا نستعين بسواك، ومعنى العبادة أنها اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من العمل، والقول الظاهر والباطن، أما مفهوم الاستعانة فهي الاعتماد والتوكل على الله تعالى في دفع المضار، وجلب المنافع مع الثقة الكاملة والتامة بالله تعالى وحده في تحصيل ذلك، وبعبادة الله تعالى، وبالاستعانة به وحده تكون الوسيلة المُثلى لتحقيق السعادة الأبدية، والنجاة من جميع الأهوال والشرور، فلا سبيل للوصول إلى النجاة إلا بتطبيق العبادة والاستعانة.

السابق
سبب تسمية سورة الفتح
التالي
خواص سورة الجن

اترك تعليقاً