القرآن الكريم

شرح سورة الحج

تعريف سورة الحج

سورة الحج سورة مدنية تتناول جوانب التشريع كجميع السور المدنية التي تعنى بأمور التشريع، ورغم أن السورة مدنية إلا أنه يغلب عليها طابع السورة المكية، إذ إن مواضيع الإيمان والتوحيد والإنذار والتخويف وموضوع البعث والجزاء ومشاهد القيامة وأهوالها هو البارز في السورة الكريمة إلا إنه يخيل للقارئ أنها من السور المكية، وبجانب الموضوعات التشريعية من الإذن بالقتل وأحكام الحج والهدى والأمر بالجهاد في سبيل الله وغيرها من المواضيع الخاصة بالسور المدنية، وقد عدها بعض العلماء بأنها سورة مشتركة بين المدنية والمكية فهي مدنية ماعدا الآيات ( 52،53،54،55 ) فهي نزلت بين مكة والمدينة، وهي من المثاني وعدد أآاتها 78 آية، وتحتل المرتبة 22، وقد نزلت بعد سورة النور، وبدأت السورة بأسلوب النداء، وتحتوي على سجدتين في الآية 18 و77 وهي تقع في الجزء 17 الحزب 34 الربع 5، 6، 7، 8، وسميت بهذا الاسم تخليدًا لدعوة الخليل أبراهيم عليه السلام عندما انتهى من بناء البيت العتيق ونادى الناس لحج بيت الله الحرام فتواضعت الجبال إلى أن بلغ الصوت أرجاء الأرض وسمع نداءه من في الأصلاب والأرحاب وأجابو النداء بلبيك اللهم لبيك.

شرح سورة الحج

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58) لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59) ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66) لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68) اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72) يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}،

الحج هو هجرة من الوطن وفراق عن الأهل والأصحاب ففيه مشابهة بالمجاهدين في سبيل الله، فإن الحُجّاج معرضون للقتل من قطاع الطرق واللصوص أو الموت بحادث أو مرض أو بأي شيء آخر، فأن الله عز وجل يتولاهم في دنياهم وآخرتهم ولن يضيع الله أعمالهم، وفي سورة الحج ذكر بأن المجاهدين والحجاج سيدخلون مدخلًا يرضونه، وتحث الآيات الحُجّاج على:

  • الصبر والصفح والعفو وتحمل بعضهم البعض.
  • الأعمار كلها أيام وليالي بل الدنيا كلها أيام وليالي.
  • توحيد الله عز وجل وعبادته وعدم الشرك به، فأن كل معبود غير الله فهو باطل ويصح التوجه بالدعاء إلا لله عز وجل والتوكل عليه فقط، ودلت الأيات الكونية المرئية على وحدانية الله عز وجل والعبودية له وحده لا شريك له، وهو غني عن عبادة العباد.
  • توحيد الله عند رؤية الجبال الشامخة والأراضي الواسعة والبلدان الشاسعة والسهول والوهاد والمرتفعات والوديان.
  • التفكير في تلاطم الأمواج وبعد غور المياه وطعمها الملح الأجاج وما تحتويه من أسماك وحيوانات مختلفة تجري حوله أفواجًا افواجا ويسبح بالله عز وجل الذي سخر للإنسان لحمًا طريًا عند التوجه للحج بحرًا.
  • توحيد الله عز وجل الذي سخرها للإنسان فهو يرى السحاب والغيوم من الأسفل ومن الأعلى ويرى الفضاء والنجوم والتسبيح بحمد الله قعودًا وقيامًا فهذا كله من تيسير الله لعباده وتسخيره فأن الله سبحانه وتعالى رؤوف رحيم بالناس عند التوجه للحج.
  • تحث على آداء مناسك الحج وشعائرها كما أمر الله عز وجل، وأن لا يكونوا كالكافرين والكفورين فأن بداية الخلق من الله عز وجل ونهايتها له إيضًا.
  • ترك المنازع في دين الله وترك المجادلة في هدي رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام لله عز وجل.
  • يعلم الله عز وجل ما في السموات والأرض ويعلم بالظواهر وما في الصدور ويعلم المخبأ والمكتوم والمستور.
  • حمد الله عز وجل لجعلنا مؤمنين موحدين مهديين للإيمان والإسلام.
  • الابتعاد عن تعليق القلب بغير الله سبحانه عز وجل في جلب النفع ودفع الضرر.
  • عدم التشبه بالكافرين والمشركين وضعاف الإيمان من المنتسبين للمسلمين.
  • يصطفي الله عز وجل الرسل ويختار الأصفياء.
  • يجب أن يكون الحاج ممن آمن بالله وركع له وسجد له وعبده وفعل الخير مع خلق الله ليكون من المجاهدين المستجيبين لأمر الله.

سبب تسميّة السورة

سميّت سورة الحج بهذا الاسم بسبب دعوة سيّدنا إبراهيم عليه السلام، فبعد أن انتهى من بناء البيت العتيق أمر الناس بحج البيت الحرام، وعلّمهم النُسُك، وذكر الحج وما فيه من فوائد وفضائل، ووبخ كل من يصد المؤمنين عن المسجد الحرام، مع أنّ فرض الحج لم يأت في هذه السورة وإنّما جاء وجوبه في سورة أخرى، وفي الحقيقة أنّ الحج من العبادات التي يتقرّب بها المُسلم لربّه ويتخلّص من ذنوبه، وهو وسيلة للمُحافظة على الإيمان والتّمسّك بالأخلاق وتقوية الوازع الدّيني.

الفرق بين السورة المكية والمدنية

فيما يلي الفرق بين السور المكية والمدنية:

  • السور المكية: السور المكية هي السور التي نزلت على رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام في مكة المكرمة قبل هجرته من مكة للمدينة، تمتاز بقصر الأيات وقوة الأسلوب وشدة الخطاب، ويعود السبب في ذلك بأن المخاطبين كانوا كفارًا مشركين، وأغلب مواضيعها تتحدث عن التوحيد بالله والإيمان باليوم الآخر وسلامة العقيدة.
  • السور المدنية: السورة المدنية هي السورة التي نزلت على رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام بعد هجرته للمدينة المنورة، ويتميز أسلوبها بلين وطول الآيات، ويعود السبب في ذلك لأن أغلب المخاطبين فيها يعرفون الله عز وجل فهم من أهل الكتاب، ومواضيعها توضح العبادات والمعاملات بالإضافة لذكر الجهاد ووصف المنافقين وكشفهم.
السابق
الطريقة الأفضل لحفظ القرآن الكريم في شهر
التالي
التخلص من طنين الأذن

اترك تعليقاً