القرآن الكريم

خواص سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

تعد سورة الفاتحة السورة الأولى في القران الكريم، وهي سورة مكية، ونزلت بعد سورة المدثّر، وتعدّ الخامسة في ترتيب النزول، وعدد آياتها سبع آيات مع البسملة، ويذكر لفظ الجلالة فيها مرة واحدة، وقد ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم فقال: {وَلَقَد آتَيناكَ سَبعًا مِنَ المَثاني وَالقُرآنَ العَظيمَ}،، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم عنها في الحديث الذي رواه أبو هريرة: [مرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم على أُبَيِّ بنِ كعبٍ وهو قائمٌ يصلِّي فصاح به فقال: تعالَ يا أُبيُّ فعجِلَ أُبيُّ في صلاتهِ ثمَّ جاء إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ما منعكَ يا أُبيُّ أنْ تجيبَني إذ دعوتُك ، أليسَ اللهُ يقولُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ }؟ قال أُبيُّ: لا جرمَ يا رسولَ اللهِ ، لا تدعوني إلَّا أجبتُكَ وإنْ كنتُ مصلِّيًا ، قال : تحبُّ أنْ أعلِّمَكَ سورةً لم ينزِلْ في التوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفرقانِ مثلُها ؟ فقال أُبيُّ : نعم يا رسولَ اللهِ فقال : لا تخرجْ من بابِ المسجدِ حتَّى تعلَّمَها والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يمشي يريدُ أنْ يخرجَ من المسجدِ فلمَّا بلغ البابَ ليخرجَ قال له أُبيُّ : السُّورةُ ، يا رسولَ اللهِ ، فوقف فقال : نعم ! كيف تقرأُ في صلاتِكَ ؟ فقرأ أُبيُّ أمَّ القرآنِ ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والذي نفسي بيدِه ما أُنزلَ في التوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزبورِ ولا في الفرقانِ مثلُها وإنما هي السَّبعُ من المَثاني التي آتانيَ اللهُ عزَّ وجلَّ]، ولها العديد من الأسماء منها؛ فاتحة الكتاب؛ وسُميت بذلك لأن تلاوة القرآن تُفتتح بها، وأم القرآن؛ لأنها تتقدم على جميع السور، وتسمى أيضًا أم الكتاب، والسبع المثاني؛ لأن عدد آياتها سبعًا، وقيل أنه يوجد فيها سبعة آداب في كلّ آية أدب، وتُسمى الكافية؛ إذ تكفي الصلاة بها، وأخيرًا تُسمى الحمد؛ لأنها تبدأ بأحد أساليب الثناء وهي الحمد لله.

خواص سورة الفاتحة

تحتوي سورة الفاتحة على العديد من الخواص الهامة التي يجب على المسلمين الالتزام والأخذ بها، وفيما يأتي ذكرها: :

  • ركن أساسي من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة بدونها، وتقرأ في كلّ ركعة مرة واحدة ويكره تكرارها، ففي الحديث الذي رواه البخاري عن عبادة بن الصامت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [لا صَلاةَ لِمَن لم يقرَأْ بفاتِحَةِ الكِتابِ فصاعِدًا قالَ سُفيانُ لمن يصلِّي وحدَه]
  • أعظم سور القرآن، وهي السبع المثاني المستثناة من سائر الكتب السماوية.
  • فيها التوسل إلى الله وتمجيده لتمام العبودية والتوحيد وطلب الهداية.
  • تشمل أنواع الفرق التوحيد الثلاث وهي؛ توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.
  • شفاء القلوب والأجسام، إذ إن العبادة والاستعانة بالخالق تطهر القلب بتلاوة الآية “إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ“، وتكون شفاء الأجسام بقراءة الفاتحة على المريض بالرقية على نية الشفاء.
  • ترد على أهل البدع والضلال ببيان أن السير على الصراط المستقيم هو طريق الحق، وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
  • مفتاح كلّ خير وسعادة في الدنيا والآخرة، وفيها أنفع الدعاء.
  • الدعوة إلى الصحبة الصالحة، إذ إن الذين أنعم الله عليهم وهداهم هم من عبدوه حق عبادته، وأقاموا شرائعه، وذُكروا في الآية السابعة صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.
  • تحذر من غضب الله، وفيها إنذار للإنسان أن يتبع طريق الحق وعبادة الله وإلا سوف يقع العقاب، وعقاب الله شديد، لذا يجب الخوف من الله.
  • تتضمن جميع المعاني السامية التي جاءت بها الكتب السماوية.

فضائل سورة الفاتحة

وردت فضائل سورة الفاتحة في السنة النبوية الشريفة، وبينت المكانة الرفيعة لها، إذ فيها إجابة الدعاء والشفاء، وفيما يأتي الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم:

  • جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن عباس: [بيْنَما جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، سَمِعَ نَقِيضًا مِن فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَقالَ: هذا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليومَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَنَزَلَ منه مَلَكٌ، فَقالَ: هذا مَلَكٌ نَزَلَ إلى الأرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إلَّا اليَومَ، فَسَلَّمَ، وَقالَ: أَبْشِرْ بنُورَيْنِ أُوتِيتَهُما لَمْ يُؤْتَهُما نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بحَرْفٍ منهما إلَّا أُعْطِيتَهُ.]
  • جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: [ مَن صَلَّى صَلاةً لَمْ يَقْرَأْ فيها بأُمِّ القُرْآنِ فَهي خِداجٌ ثَلاثًا غَيْرُ تَمامٍ. فقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إنَّا نَكُونُ وراءَ الإمامِ؟ فقالَ: اقْرَأْ بها في نَفْسِكَ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: قالَ اللَّهُ تَعالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قالَ العَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وإذا قالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قالَ اللَّهُ تَعالَى: أثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وإذا قالَ: {مالِكِ يَومِ الدِّينِ}، قالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وقالَ مَرَّةً فَوَّضَ إلَيَّ عَبْدِي، فإذا قالَ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قالَ: هذا بَيْنِي وبيْنَ عَبْدِي، ولِعَبْدِي ما سَأَلَ، فإذا قالَ: {اهْدِنا الصِّراطَ المُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذينَ أنْعَمْتَ عليهم غيرِ المَغْضُوبِ عليهم ولا الضَّالِّينَ} قالَ: هذا لِعَبْدِي ولِعَبْدِي ما سَأَلَ.]
  • جاء في الحديث الذي رواه أبو سعيد الخدري فقال : [ نَزَلْنَا مَنْزِلًا، فأتَتْنَا امْرَأَةٌ فَقالَتْ: إنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، لُدِغَ، فَهلْ فِيكُمْ مِن رَاقٍ؟ فَقَامَ معهَا رَجُلٌ مِنَّا، ما كُنَّا نَظُنُّهُ يُحْسِنُ رُقْيَةً، فَرَقَاهُ بفَاتِحَةِ الكِتَابِ فَبَرَأَ، فأعْطَوْهُ غَنَمًا، وَسَقَوْنَا لَبَنًا، فَقُلْنَا: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً؟ فَقالَ: ما رَقَيْتُهُ إلَّا بفَاتِحَةِ الكِتَابِ قالَ: فَقُلتُ: لا تُحَرِّكُوهَا حتَّى نَأْتِيَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأتَيْنَا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرْنَا ذلكَ له، فَقالَ: ما كانَ يُدْرِيهِ أنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لي بسَهْمٍ معكُمْ. وفي رواية: بهذا الإسْنَادِ نَحْوَهُ، غيرَ أنَّهُ قالَ: فَقَامَ معهَا رَجُلٌ مِنَّا، ما كُنَّا نَأْبِنُهُ برُقْيَةٍ.]

 أسماء سورة الفاتحة ومعانيها

تتعدد أسماء سورة الفاتحة وفقًا لما ذكر علماء المسلمين، إذ يمكن إجمال بعض هذه الأسماء يما يلي:

  • فاتحة الكتاب: سميت بفاتحة الكتاب لافتتاح القرآن الكريم بها، بالإضافة إلى قراءتها في الصلاة.
  • سورة الحمد: سميت بالحمد لأنها ابتدأت بحمد الله تعالى.
  • أم القرآن: أم الشيء أي أصله، والمقصود من كل القرآن تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر لله تعالى، وقد اشتملت الفاتحة على هذه الأمور كافة.
  • السبع المثاني: سميت بالسبع المثاني لأن نصفها ثناء العبد للربّ، والنصف الآخر عطاء الرب للعبد.
  • الوافية سبب تسميتها بالوافية لأنها لا تقبل التقسيم في الصلاة كغيرها من السور، فيتوجب إتمامها في كل ركعة وإلا بطلت الصلاة.
  • الكافية: سميت بالكافية لأنها تكفي عن غيرها، وأما غيرها فلا يكفي عنها.
  • الأساس: يعود سبب التسمية بالأساس إلى أنها أول سورة من القرآن فهي كالأساس، أو أنها مشتملة على أشرف المطالب وأعظمها، وذلك هو الأساس.
  • الصلاة: قال عليه الصلاة والسلام: [يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين]والمراد سورة الفاتحة.
  • سورة الشكر: وذلك لأن فيها ثناء على الله تعالى بفضله وكرمه وإحسانه.
  • سورة الدعاء: لاشتمالها على قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}

مقاصد سورة الفاتحة

تشتمل سورة الفاتحة على مجموعة من المقاصد، ويمكن إجمال تلك المقاصد بما يلي:

  • توحيد الله سبحانه وتعالى.
  • الإيمان باليوم الآخر.
  • التكاليف الشرعية.
  • قصص الأنبياء والمرسلين.
  • أهل الكتاب من اليهود والنصارى.

القرآن الكريم

القرآن كلام الله وحجة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فما اشتمل عليه القرآن من أحكام وتشريعات شاملة جعلت منه نهج وأساس العديد من القوانين التي تنظم الحياة، واتضح بأن ما توصل إليه العلم الحديث يتفق مع ما جاء فيه من تفصيلات، وهو المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، وهو الكتاب الذي حفظه الله تعالى من التحريف والتغيير، وهو معجزٌ بأقصر سورة فيه للإنس والجن، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}، وميّزه بأن حفظه في صدور المؤمنين، قال تعالى: {بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}، الأمر الذي جعل منه كتابًا روحيًا ودينيًا وعلميًا وحياتيًا، كما أنه يروي ما سبق من أحداث ووقائع ومثلها ما احتوت عليه سورة الكهف وسورة يوسف.

السابق
فضل سورة سبأ
التالي
فوائد سورة النجم للزواج

اترك تعليقاً