القرآن الكريم

لماذا سميت سورة الرحمن بهذا الاسم

سورة الرحمن

سورة الرحمن هي سورة مكّية، وعُرفَت بعروس القرآن، ابتدأت السورة بتعداد نعم الله سبحانه تعالى على عباده التي لا تحصى ولا تعد وفي مقدمة تلك النعم تعليم القرآن الكريم، ثم بدأت الآيات الكريمة ذكر نعم الله تعالى وإبداعاته في الكون وفي خلقه، قال تعالى: {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ}، {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ}، {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}، و {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ}، ثم عرضت السورة حال المجرمين وحال المتقين السعداء، فقال تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ}، {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، وتكرر فيها ذكر { فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} واحد وثلاثون مرة.

تُعد سورة الرحمن أولى السور المكية الموجّهة إلى الجنّ والإنس معًا، وقد احتوت على خطابٍ مباشرٍ للجن، قال تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ * فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}، واختتمت السورة آياتها بحمد الله تعالى والثناء عليه؛ نتيجة استحقاق النعم للثناء على المنعم وهو الله، وهو أنسب ختام لسورة سميّت باسم من أسماء الله الحسنى وهو الرحمن.

سبب تسمية سورة الرحمن

تُعد سورة الرحمن من السور التي سمّيت على اسم من أسماء الله الحسنى، وهو الرحمن، ولفظة الرحمن هي كلمة واحدة في بداية السورة، وهي تعني الرحمة التي يتصف بها الله جل في علاه، كما أن الكثير من العلماء قالوا أنه يوجد سبب آخر خلف تسمية سورة الرحمن بذلك الاسم، هو أنها من السور القرآنية المتحدثة في مضمونها عن رحمة الله سبحانه، ويكون ذلك بواسطة الاسم الشامل والعام للرحمة بجميع الخلائق وهو الرحمن، كما أن السورة تتميز بواحدة من الآيات القرآنية المكررة عدة مرات مختلفة، وهي قول الله عز وجل: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.

فضل سورة الرحمن

تعود مجموعة من الفضائل على المسلم عند قراءته لسورة الرحمن، وهي التي تعد إحدى السورة التي روى عنها النبي صلى الله عليه وسلم مجموعةً من أحاديثه النبوية الشريفة، وهي السورة التي استمع لها الجن وقالوا كيف لنا أن نكذب بآيات الله وحمدوا الله عندما يأتون على آية {فبأي آلاء ربكما تكذبان} كما روى عليه الصلاة والسلام، وأما عن فضل قراءتها فيمكن إجمال بعض تلك الفضائل فيما يأتي:

  • نيل الشفاعة: تعد سورة الرحمن إحدى السور التي تشفع لصاحبها (أي قارئها) يوم القيامة، وهي من تصوّرهم بأبهى وأجمل وأحسن الصور في يوم الحساب، كما أنها تُخرج منهم روائح عطرية جميلة تميزهم بها نتيجة قراءتها باستمرار، وهي ذات شأن في تخفيف الحساب والكرب عنهم يوم القيامة.
  • النجاة من الكرب: تُنجي سورة الرحمن من الكرب، ويُرى ذلك عند تلاوتها باستمرار دون تقاعس أو تخاذل، ومن فضل سورة الرحمن كذلك إزالة الهم عن الإنسان وإشعاره بالسكينة والطمأنينة، فهي تُعلّم المؤمن القارئ لها كيفية التوكل على الله تعالى، وتحتوي على تفويض أمره لله الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو الله الرحمن الراحم لكافة عباده.
  • دخول الجنة: تكافئ هذه السورة قارءها بدخول الجنة في نهاية المطاف، فهي تشير بين ثناياها إلى قضيتين هامتين للغاية من خلال آية من آياتها وهي من خلال قول الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}، ومن خلال الآية السابقة يُستدل على أن المسلم المؤمن الممتثل لأوامر الله تعالى من طاعاتٍ ونواهٍ فإن الله يقدم له الوعد بالجنة.

سمات سورة الرحمن

تميزت سورة الرحمن عن غيرها من سور القرآن الكريم بمجموعة من المميزات، أكسبتها طابِعًا خاصًا، وفيما يأتي أبرز هذه المميزات:

  • هي السورة الوحيدة بين سور القرآن الكريم افتتحت باسم من أسماء الله الحسنى وهو الرحمن، الذي لم يتقدّم عليه أي اسم آخر، وهي ذات سرد وأسلوب بديعيين.
  • تكررت آية من آياتها وهي قوله تعالى {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، وقد جاء ذكر هذه الآية في السورة إحدى وثلاثين مرة، مما يدل على مقام الامتنان والتعظيم والعرفان لله سبحانه وتعالى، بالإضافة للدلالة على الأسلوب العربي الجليل.
  • تميزت سورة الرحمن كذلك بتعداد آلاء الله المبهرة، وتعداد نِعَمه الكثيرة الظاهرة على عباده، وهي التي لا تُعد ولا تُحصى، يأتي في مقدمتها نعمة تعليم القرآن بوصفه المنة الكبرى على الإنسان من الله تعالى.
  • استخدمت السورة أسلوب الترغيب والترهيب، فقد ذكر الله سبحانه وتعالى في هذه السورة من هم الأشقياء وبين حالهم، وما يعانونه من الفزع والأهوال يوم القيامة، ثمّ ذكرت حال المتنعّمين في الجنان بتفصيلٍ وإسهاب.
  • ذكرت السورة الكريمة دلائل القدرة المبهرة لله عز وجل في تسيير الأفلاك، وتسخير السفن، ثم استعرضت الكون بما فيه من أمور منظورة.
  • تميّزت السورة بتناسق كلماتها، وإيقاع فواصلها، ونسقها الخاص الملحوظ.
  • ذكرت السورة الكريمة نِعَم الله الكبرى المستقرة، وذكرت نعمه الصغرى المتجددة مع تجدد حياة الناس، وعلى كل إنسان شكر الله تعالى على هذه النعم عرفانًا وإجلالًا له.

مقاصد سورة الرحمن

شملت سورة الرحمن على مجموعة من المقاصد والدلالات، والتي يصعب حصرها في هذا المقال، ويمكن ذكر أبرز هذه المقاصد فيما يأتي:

  • تشتمل مقاصد سورة الرحمن على وجه العموم على بيان رحمة الله سبحانه وتعالى بمخلوقاته، فهو من أطلق على نفسه اسم الرحمن، وقد أورد الله تعالى فيها الترغيب والترهيب لغاياتٍ عدة، وقد كان أول مقاصد سورة الرحمن إثبات نبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، إذ إن المشركين سألوه من الرحمن الذي يريدهم أن يسجدوا له، فكان الجواب إلهيًّا بقوله تعالى: {الرَّحْمَٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}، وبأن الرحمن الذي أمرهم بالسجود له هو الذي تسجد له الشمس والأنعام ويسجد القمر، قال تعالى: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ}، مع التذكير بأن الرحمن الذي خلق القرآن هو الذي خلق الإنسان وعلمه العلوم جميعها، وأنه خلق كل شيءٍ وأحسن خلقه وأبدع فيه.
  • أمر الله تعالى الناس في سورة الرحمن بالعدل وإيتاء كل ذي حقٍ حقه، قال تعالى: {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ}، وقد بين الله تعالى نعمه الكثيرة التي أنعم بها على خلقه جميعًا، الأمر الذي جعل من مقاصد سورة الرحمن التفكر بخلق الله وجعله سبيلًا للتقرب منه والحث على طاعته عز وجل.
  • ميز الله تعالى المسلمين فيما بينهم، وفضل بعضهم على بعض وفقًا لأعمالهم، فمنهم من كانت له جنتان في أعلى درجات الجنان، ومنهم من له جنتان أدنى من السابقتين، وذلك بقوله تعالى: {هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}.
السابق
خواص السور والايات
التالي
ما هي سور جزء عم

اترك تعليقاً